آن الأوان ليضرب نتنياهو على قفاه، وهو يضرب بالمليان كل يوم بلا توقف، ضُرب بمطالبة مدعي عام الجنائية الدولية باعتقاله ويوآف غالانت، وتلك خطوة غير مسبوقة، لو قيل لي قبل عام أن ذلك يمكن أن يحدث، لقلت: ما هذه السخافة، لقلت: لن يجرؤ "خان" على فعل خطوة مثل هذه مهما كان، لكن ما كان لا يمكن أن يكون كان، وفي اليوم التالي تعترف ثلاث دول بالاتفاق والتزامن في أوروبا بالدولة الفلسطينية، ومن كان يصدق أن إيرلندا وإسبانيا والنرويج ستعترف بالدولة الفلسطينية في يوم واحد بالاتفاق والتزامن، ويبشرون أن دولاً أوروبية أخرى على الطريق، وتلك ضربة ثانية، وفي اليوم التالي كانت الضربة الثالثة، وهي كشف وكالة "أسوشيتدبرس" كذبة مسعفين أو متطوعين كاذبين أشرين - من أمثال "يوسي لانداو" - تحدثا و"لانداو" بكى وهو يصف ما "فعل" شباب المقاومة بنساء وفتيات إسرائيل من اغتصاب وبقر للبطون، وأن سكيناً غرسه أحدهم في بطن امرأة حامل، وترك السكين في بطن الجنين.
وفي الثاني عشر من يناير الحالي، وقف وكيل الدفاع الإسرائيلي في جلسة لاهاي الثانية يستجدي تعاطف القضاة عندما قال في سياق ما قال، أن أحد أفراد المقاومة، - أو الإرهابيين إن شاء - قام بقطع ثدي امرأة إسرائيلية وهو ما زال يعاشرها، - أو يغتصبها إن شاء - وقلت يومها أن الكذبة كبيرة، ومضللة، ومقززة، وبشعة، ولا يمكن تصديقها، لأن الكذب فيها تجاوز القدرة الإدراكية على استدراك ما يمكن أن يُستدرك، ناهيك على أن الصورة تتناقض مع الميكانيكية الجنسية، والإحساسين الإنساني والحيواني، إذ يمكن لرجل أن يقطع ثدي امرأة، ويمكن للرجل نفسه أن يغتصب تلك المرأة، ولكن لا رجل على هذه الأرض يمكن له أن يعاشر امرأة ويقطع ثديها في نفس الوقت وهو في حالة الدخول. ثدي المرأة التي يرتجف في أحضانها يلزمه، لا يمكن أن تجتمع لذة الجنس ولذة قطع الثدي معاً.
سألني صديق: هل تعتقد أن إسرائيل استخدمت هذه الأكاذيب لأغراض سياسية؟ قلت لا، استخدمت الكذب لأغراض التعويض عن اللذة المفقودة من برود كذبها حول ما حدث في "أوشفتس"، قلت إن إسرائيل قامت على المظلومية، ومن أجل إنجاز القدر الكافي من مظلومية تحشد هذا العالم التافه حولها، فإن عليها أن تصنع سرديات كاذبة تشوه فيها وتحرض ضد كل ما هو فلسطيني، ولكن من حسن حظ أصحاب الحق، فقد انكشف القناع، وما عاد العالم تنطلي عليه أكاذيب إسرائيل، باستثناء الرئيس الأميركي وإدارته، فهم يكذبون، ويعرفون أنهم يكذبون، ويعرفون أننا نعرف أنهم يكذبون، ولذلك فلا تستغرب أن تهدد واشنطن أعضاء الجنائية الدولية، وتهدد أسرهم، ولا تستغرب أن تهدد إسرائيل أعضاء محكمة العدل الدولية التي ستضرب خلال الأيام القادمة الضربة القاضية بوقف هذه الحرب المسعورة الظالمة، أقصد أنها ستضرب على قفا نتنياهو، ولا اظن أن قفاه سيحتمل كل هذا الضرب المتوالي المتتالي.