صحافة وتقارير

نقاش في بيروت حول “فلسطين القضية والمشروع"

نظم المجلس الثقافي للبنان الجنوبي ندوة تحت عنوان "فلسطين القضية والمشروع" تحدث فيها مدير مركز تطوير للدراسات هشام دبسي والناشط والكاتب الصحفي مصطفى فحص، وقدم لها رياض عيسى، وشارك فيها جمهور من المهتمين وذلك عند الساعة السادسة من بعد ظهر الخميس 23 أيار 2024 في مركز المجلس في بيروت.

بداية، رحب عيسى بالحضور ووجه تحية إلى فلسطين وأهلها، وأشار إلى أنه ليس ضرورياً أن تكون فلسطينياً كي تكون مع فلسطين التي هي ليست قضية سياسية فحسب بل قضية إنسانية، إنها قضية العدالة والحقوق المسلوبة، وقضية بناء دولة مستقلة وعادلة ومحررة. وأكد على أهمية مثل هذه الندوات لخلق الحوار الإيجابي بين المعنيين والمهتمين.

ثم قدم عيسى المتحدث الأول دبسي، الذي بدأ كلامه بتوجيه التحية إلى مؤسس المجلس الثقافي المرحوم حبيب صادق وإلى المجلس المستمر بدوره الرائد بكونه مساحة حرة للحوار والنقاش.

وأضاف:" لم آت لطرح وجهة نظر أمامكم، وأنتم فلسطينيون من خلال تجاربكم النضالية، أتيت لأطرح مجموعة من الأسئلة، لا أمتلك أجوبة عليها، علّنا من خلال النقاش نمتلك مقاربة مفيدة.

وعن 7 أكتوبر قال دبسي:"إنها لحظة استثنائية بكل المقاييس، إذ أصابت العقيدة العميقة للجيش الإسرائيلي وأظهرت العجز الإسرائيلي حين فشل في تحقيق ثلاثة عناصر من عقيدته الأساسية وهي: الانذار، الردع، الدفاع، فيما بقي باب الحسم مفتوحاً. لأن الحسم عملية غير محدودة، ومازالت تسعى إسرائيل من خلالها إلى الإبادة، والتهجير وكسر الحالة الإنسانية وهزيمة الشخصية الوطنية للفلسطينيين في الضفة والقطاع. فماذا كانت ردة فعل الأمريكي والغربية عندما ضربت إسرائيل بعقيدتها العسكرية؟ كانت المبادرة حلف دولي ضد حماس بصفتها داعش وهذا يعني استباحة الفلسطينيين كشعب وليس صراع مباشر مع حركة حماس.

وكانت ردة الفعل الثانية منذ أسبوعين، فقد أعلنت طهران أنها ستهاجم إسرائيل انتقاماً لكرامتها الوطنية، وفي لحظة الهجوم الصاروخي والمسيرات على قواعد إسرائيلية عسكرية في النقب، علق المدير السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية عاموس يدلين: "لدينا قبة حديدية سياسية، وما فعله قائد المنطقة الوسطى الجنرال مايكل كوريلا مع فرنسا وبريطانيا لا نستطيع الحديث عنه فهو كبير".

من خلال هاتين اللحظتين علينا معرفة ردود فعل الأميركي والغربي عموماً بما فيه اليابان وأستراليا عندما تتعرض إسرائيل لخطر مهما تكن درجته، محدودة مثل طعنة سكين يحملها شاب مقدسي، إلى ما جرى في تلك اللحظتين من ردود فعل.

إن هذا يطرح سؤالاً آخر: كيف علينا مواجهة الاحتلال؟ 

 أطلقت فتح الكفاح المسلح وصولاً إلى طرح مشروع الدولة، الذي أدى إلى قيام حماس والدفع نحو العنف.

نحن أمام مدرستين، الأولى تدعو إلى العنف والمزيد منه، والثانية تدعو إلى استراتيجية مواجهة سلمية، وما يحصل حتى الآن يعزز نظرية العنف، وما جرى حتى الآن يقتضي نقد نظرية العنف. وحتى الآن ليس لدينا رؤية موحدة.

الفلسطينيون منقسمون عامودياً، الأول يمارس العنف ومزيد منه للخلاص من الاحتلال، والثاني يريد استراتيجية نضال سلمي مترابط.

والسؤال المطروح: ما هو دور الناس في صناعة مستقبلها؟ انه سؤال جوهري في غزة وفي الضفة. هناك تباين بين استراتيجية العنف واستراتيجية السلام. ولا وزن للشعب في هذه المعادلة.

اعتقد من الصعب وصف ما يدور في غزة، القيامة المتخيلة صارت حقيقة واقعية، والجحيم الأرضي لا سقف زمني له.

يوميا يسقط نحو 200 شهيد لا احتجاج على ذلك وكأن الأمر صار مقبولاً. صار مقبولاً من أمريكا وإسرائيل وأيضاً من حماس التي تنادي إلى مزيد من التضحية. والسؤال: من له الحق بسلب حياة الاخرين؟؟ وسؤال آخر: ما هو التبرير.  لجعل الناس شهداء. من غير إرادتهم؟

في التجربة الفلسطينية الأولى، كانت الخيارات تعكس إرادة فردية ولكن ما يجري الآن هو على حساب الناس.

والسؤال: من يملك قرار الحرب؟؟ هل يملك فريق أن يفرض القرار بديلا عن 14 مليون فلسطيني؟

ما هو مستقبل أهالي غزة؟ الجواب لا نعرف، سواء كنا مناصرين لاستمرار القتال، أم مناهضين له. بعض الناس لديهم إحساس، إنهم قطيع يدار ويتجول بنيران علوية. أن جل ما يريده فلسطينيو غزة الآن هو الأكل والشرب، وهذا ما يطرح سؤالاً آخر: ما هو الفارق بين الصمود وبين التحمل من أجل البقاء.

وتجدر الإشارة إلى أن المرفأ الذي يجري بناءه في غزة حالياً هو مدخل لتقسيم قطاع غزة بين قاعدة بحرية أمريكية ومحور نتساريم الإسرائيلي. نحن أمام مستقبل ما زال غامضاً على الرغم من كل ما يقال عن حل الدولتين".

وسلّط دبسي الضوء على وضع الضفة الغربية وأوضح رأيه بالقول: "منذ أربعة أعوام والبعض يقول إن الضفة ستنتفض قريباً، لكنها لم تنتقض، هل هو خوف من السلطة أم تخلي عن النضال؟ في الضفة بؤر نضالية في المدن والبلدات والمخيمات، لكن قرار الحراك الشعبي ليس قرار السلطة ولا قرار الفصائل بل قرار شعبي والمثال انتفاضة الأقصى وانتفاضة القدس. ولكن عندما يبدأ العنف تخلو الشوارع من الناس.

لذلك هناك السؤال الأصعب: ما هي الشرعية الفلسطينية وكيف نحميها وكيف تكونت وهي المرتبطة بالوطن والنضال الفلسطيني منذ أكثر من قرن؟ انتفاضة 1987 أدّت إلى قرار فلسطيني بشأن مشروع الدولة وهذا أدى إلى خيارات الشعب والشرعية الفلسطينية".

كيف نحمي الشرعية الفلسطينية؟ وكيف نحافظ على مكتسبات الشعب. لقد فشلنا في بناء استراتيجيات للنضال السلمي! وعلينا اليوم أن نغادر سياسة رد الفعل.

وتلاه فحص الذي أكد على التزامه النضالي الفلسطيني وتجديد تأكيده على القرار الوطني الفلسطيني.

 وبعد المداخلتين طرح بعض الحضور مداخلات حول الخطط الفلسطينية المختلفة وحول ضرورة إجراء الفلسطينيين مراجعة شاملة لتجربتهم النضالية خلال القرن الماضي.

وفيق هواري

Loading...