تتصدر وسائل الإعلام المشهد أثناء الحروب والأزمات والكوارث أحيانا، عبر نقل الصورة وأحيانا أخرى من خلال نقل مواقف الأطراف، وعكس رؤية كل طرف، وربما يغلف هذا الموقف بموضوعية شكلية لا تعكس الحقيقة بالضرورة.
لقد تسابقت وسائل الإعلام المحلية والعالمية طوال فترة العدوان الإسرائيلي الحالي على فلسطين، على تسليط الضوء على مجريات العدوان وبالأخص الإبادة الجماعية في قطاع غزة، ومشاريع التهجير الإنساني حيناً والقسري في أغلب الأحيان، مضافاً إليها الاعتداءات اليومية والقتل بدم بارد في الضفة الغربية والقدس، على يد المستوطنين والجيش.
ونتاج غياب واضح للناطقين الرسميين والكفاءات وإن بشكل جزئي ترك فراغاً سمح لوسائل الإعلام البحث عن محللين وناطقين وقادة فصائليين للاستعاضة عن الغياب الرسمي في أغلب الأحيان حيث الطبيعة لا تقبل الفراغ، ولم يكن الغياب وحده سيد الموقف، بل إن غياب الخطاب الموحد والتوجيهات الواضحة، فتح المجال أمام وسائل الإعلام لاستضافة الكثيرين من الكوادر الفلسطينية خاصة السفراء والسفراء المتقاعدين، الذين أبلوا بلاءً حسناً في غالب الأحيان وبجهود تبدو فردية، لأن من يتابع وسائل الإعلام يستطيع أن يلمس غياب الخطاب الموحد، وإن وجد فهو مرتبط بالمفهوم العام وليس بما يخص العدوان بحد ذاته.
يضاف إلى كل ما سبق إخفاق جدي في استخدام المصطلحات، فكثيراً ما سمعنا على لسان أحدهم الحرب بدل العدوان، وقصف أهداف بدل منازل ومشافي وأماكن عبادة، وغيرها من المصطلحات التي يفهمها الفلسطيني لكن في العالم تؤدي معانِ غير المرجوة.
إن حجم الألم وهمجية العدوان عبر الصور أسهما في تعويض القصور في استثمار وسائل الاعلام من خلال الناطقين والقادة السياسيين، لإيصال الموقف بصورة لا لبس فيها كما أشرنا بالفقرة السابقة من خلال لغة موحدة في خطاب موحد يستخدم المصطلحات المدروسة بعناية.
من الضروري بمكان أن تكون تجربة الإعلام في هذا العدوان حافزاً على إجراء تقييم جدي واستخلاص العبر، من أجل وضع استراتيجية إعلامية تحدد المكلفين بإيصال الرسالة الرسمية كأفراد ومؤسسات عبر: -
* توفير المادة المطلوبة للإعلام وبشكل دوري (الصور والموقف الاستراتيجي مكتوباً).
* وضع استراتيجية واضحة نتاج متابعة حثيثة لمواجهة الإعلام المنحاز.
* خطاب رسمي موجه للعالم باللغة والمصطلحات والتعابير التي لا تترك مجالا للتأويل.
*خطاب شعبي سهل واضح وبشكل لا لبس فيه.
* اختيار المصطلحات الدقيقة.
* اختيار المكان والزمان المناسبين.
* الابتعاد عن الانفعال وردة الفعل.
* في الحالات الطارئة صياغة موقف يومي من القيادة السياسية، يتناول بالتفصيل مجريات الأحداث وربما تكون هناك ضرورة لإصدار تعاميم ولأكثر من مرة وحسب ما تفتضيه الظروف يوزع على وسائل الاعلام.