بقلم: ناحوم برنياع
التدحرج العسكري إلى داخل رفح يجب وقفه. صحيح وقفه ليس بسبب أن المحكمة في لاهاي أمرت بفعل هذا بل بسبب أن الثمن يفوق المنفعة.
يمكن الشكوى لأيام وليالٍ عن دوافع القضاة، ازدواجيتهم الأخلاقية، ضحالتهم القضائية، لكن دولة إسرائيل لن يخلصها التذمر.
قصة رفح تبدأ بكابينيت الحرب في إسرائيل، وليس بسبب القاعات المبلطة بالخشب للمحكمة في لاهاي.
كان موعدان معقولان للهجوم في رفح: واحد في بداية الخطة البرية، وآخر قبل أو بالتوازي مع الهجوم في خان يونس.
الاقتراحات كانت على الطاولة. وقد بقيت على الطاولة. في هذه الأثناء تركوا السكان الذين نزحوا من الشمال التجمع قرب الحدود، في تلك المنطقة التي أرادت إسرائيل مهاجمتها.
كان منطق في خطوة عسكرية هدفها إبعاد حماس عن معبر الحدود وتدمير الأنفاق التي حفرت بين القطاع وسيناء، من تحت محور فيلادلفيا.
سد طريق التهريب، على الأقل جزء منه كان سيصعب على مسارات تموين حماس ويساهم في الأمن.
ليس رفح المدينة – فيلادلفيا، الشابورة، البرازيل، كل ما بني على طول المحور، لكن نتنياهو أصر على أن يجعل رفح هدفاً أعلى، صورة نصر.
حسب كل المعطيات العسكرية هذا وهم. رفح ليست برلين، ليست متسادا، ليست آلامو. تفكيك أربع كتائب متبقية هناك سيكمل دائرة لكنه لن يصفي قدرة حماس على إطلاق صواريخ نحو إسرائيل، قتل جنود ومواصلة احتجاز المخطوفين.
في أعقاب القرارات في المحكمتين في لاهاي وتحت الضغط الأميركي اضطرت الحكومة لأن تعد بأن تكون العملية في رفح «محدودة».
سهل أن تعد، صعب أن تفي. فمن أدخل ثلاث فرق إلى رفح خلق آلية من الصعب كبحها. فالحاجة للدفاع عن القوات تجذبها إلى الأمام، بين بيت إلى بيت. لا يهجمون، يتدحرجون. النتيجة هي النتيجة نفسها.
في غضون أيام سينعقد مجلس الأمن للبحث في قرار المحكمة.
الحاجز الوحيد أمام كارثة دبلوماسية لم نشهد لها مثيل سيكون الفيتو الأميركي.
افترض أن يكون فيتو – إدارة بايدن ستتصرف هذه المرة كالرشاد المسؤول.
لكن إذا ما أجري البحث بينما كانت الفرق تهرع في رفح فإن الثمن سيكون جسيماً.
دول من شأنها أن تفرض عقوبات على إسرائيل حتى دون قرار مجلس الأمن. فهل رفح تساوي هذا؟ لا أعتقد.
أحد في المؤسسة السياسية لا يتجرأ على أن يقول ما يقوله جنرالات متقاعدون علنا ولابسو بزات في أحاديث مغلقة: حان الوقت للتوقف، للوصول إلى صفقة مخطوفين، لتهدئة الشمال وللبدء بترميم الدولة. الخوف من رد جماهيري معاد يشلهم. هذه شهادة فقر لكل أولئك الذين يدعون خلافة نتنياهو. وأنا أقصد أساساً غانتس وآيزنكوت.
لقد وفرت قرارات المحكمة لهم فرصة ذهبية: نتنياهو بحاجة لهم الآن أكثر من أي وقت مضى.
انسحابهم سيصفي ما تبقى من شرعية في العالم لحكومته وسيقيم عليها مئات الآلاف في البلاد.
يمكنهم أن يعيدوا لأنفسهم التأثير الذي فقدوه في الأسابيع الأخيرة، أن يملوا الخطوات في غزة أيضاً، وكذا في المفاوضات على تحرير المخطوفين. فهل سيعرفون كيف يستغلون الفرصة؟ لا أعتقد.
في هذه الأثناء تبث محافل حكومية مرة أخرى أنصاف حقائق عن استئناف المفاوضات. رئيس الموساد سافر، رئيس الموساد عاد، لكن الصفقة ليست في الأفق.
السنوار على حاله؛ نتنياهو على حاله. الآلاف وصلوا أمس للتظاهر في كابلان وفي بيغن، كرب وغضب، يأس وقلق. التظاهرات ستحتدم في الأسابيع القادمة.
عن يديعوت أحرونوت