مقالات مختارة

المشهد في "الجبهة الشمالية": الحرب في غزة تبدو مثل مخيم صيفي!

بقلم: يوسي يهوشع

بينما استيقظت إسرائيل على صباح حزين بموت تسعة مقاتلين في غزة، ستة منهم في مصيبة شاذة جداً تمثلت في انفجار شاحنة ذخيرة، في الجبهة الشمالية تجري دراما حقيقية: إسرائيل ترفع وتيرة الهجمات في لبنان وعملياً انتقلت الى سياسة الاحباطات المركزة. الخط الذي يسير عليه الجيش الإسرائيلي، باسناد المستوى السياسي رفيع جدا: جهد عظيم لدحر قوات الرضوان عن خط الحدود دون اجتياز الروبيكون لحرب شاملة، ما سيسمح للجيش بمواصلة إبقاء غزة كساحة القتال المركزية.
هذا تحد كلمة «مركب» صغير عليه. ضمن أمور أخرى لأن الأمين العام لحزب الله ربط نفسه في ما يجري في الجبهة الجنوبية. في خطابه الأخير اعلن حسن نصرالله بان الصراع في الشمال لن يتوقف حتى انتهاء القتال في غزة. وهذا بالطبع من ناحية إسرائيل وضع لا يطاق، نشأ فيه عملياً حزام أمني في أراضيها السيادية واكثر من 100 الف من السكان نزحوا من بيوتهم. وزير الدفاع، اكثر من رئيس الوزراء، يكرر القول ان إسرائيل تفضل الاتفاق على الحرب الشاملة، لكن في هذه الأثناء لا تقدم، والحوار الوحيد بين الطرفين يجري بالنار ضمن القواعد إياها (حزب الله أيضا يفهم بأن الجمهور اللبناني لا يتحمس لفكرة أن تبدو بيروت مثل غزة). لكن الى جانب ذاك خطر الانزلاق في المنحدر السلس على أي حال.
في هذه المناوشات يتحدثون في قيادة المنطقة الشمالية عن عدة إنجازات: ابعاد قوات الرضوان عن الجدار، وان لم يكن الى خلف نهر الليطاني؛ ضربة شديدة لبنى وقيادات حزب الله؛ ضربة مهمة لوسائله القتالية؛ وإعادة حرية العمل الجوي في جنوب لبنان. كما أنه جاءت اول امس تصفية مسؤول كبير في المنظمة، وسام الطويل، القائد الفعلي لقوة رضوان. بشكل رسمي الدولة لم تأخذ المسؤولية عن العملية، لكن وزير الخارجية حديث العهد إسرائيل كاتس بالذات فعل هذا في مقابلة تلفزيونية. غني عن البيان ان الخطوة لم تكن منسقة مع جهاز الامن. وهذا وزير خارجية وعضو كابينت، وليس نائباً صغيراً مع اصبع رشيق على التويتر.
بالمقابل، لم يكن رد حزب الله شيئاً ما يمكن الاستخفاف به. في المسيرة التي نجحت في التسلل الى أراضي إسرائيل وتفادي الاعتراض وضرب قيادة المنطقة الشمالية كان من شأنها حتى ان تضرب قائد المنطقة اللواء اوري غولدن. لا يمكن التقدير ما الذي يمكن أن ينتج عن اصابة ضابط في هذا المستوى. لشدة الحظ لم يقع ضرر مهم، والجيش رد بسرعة وبدقة بتصفية قائد منطقة الجنوب في الوحدة الجوية لحزب الله. قبل ذلك، أحبطت أيضا خلية اطلاق من المنظمة كانت في طريقها لإطلاق مسيرات متفجرة.
يجدر الانتباه الى الاستخدام المتزايد لدى الطرفين لادوات كهذه سواء بأهداف هجومية ام بأهداف استخبارية.
إضافة الى ذلك، ينجح حزب الله في إلحاق ضرر شديد في البلدات بواسطة صواريخ مضادة للدروع. في المطلة، في كيبوتس منيرا وفي بلدات أخرى لحق دمار شديد بل وغير مسبوق، يمر أحيانا من تحت الرادار العام بسبب هجران المنطقة وبالتالي تقليص إمكانية الإصابة بالمدنيين. ومع ذلك فإن الضرر يبقى ضرراً: وطنياً، اقتصادياً ومعنوياً. يمكن أن نتعلم من هذا عن جملة الأدوات التي لدى حزب الله من أجل ايلام الجبهة الإسرائيلية الداخلية وليس فقط في بلدات خط التماس. عندما ننظر الى القتال في غزة، امام عدو دونه بعدة اضعاف، ينبغي ان ندخل الحديث عن «تطهير المنطقة» في جنوب لبنان الى التوازن. فلمثل هذه المهمة سيكون ثمن وسيتطلب زمنا يجعل الـ 95 يوماً قتالياً في غزة تبدو كمخيم صيفي. يجدر بمن يقترح بخفة إلقاء بضع فرق الى المعركة وإدخال مئات الآلاف الى الملاجئ، ان يوضح هذا.
وعليه فلا مفر من حل آخر: إبعاد حزب الله لكن ليس الى شمالي الليطاني، الى جانب بناء خطوط دفاع اقوى وقدرات انذار حقيقي ومهم تستغرق وقتاً بعد ان استغل حزب الله السنين ما بعد حرب لبنان الثانية لإجراء حملة مشتريات فتاكة مع بطاقة ائتمان إيرانية. فخلق إحساس الملاحقة لدى المسؤولين الكبار بعد سنوات شعروا فيها بأنهم محصنون، يمكن ان تساعد. فضلاً عن هذا، فان السيناريو المعقول هو بالفعل اتفاق ما ومرغوب فيه بلا حرب او على الأقل الخروج اليها تحت شرعية دولية. أما «تطهير المنطقة» وكأنها إزالة الغبار قبل الفصح ليست اكثر من خيال.
الثمن، مثلما يمكن ان نتعلم في غزة، وليس فقط ما يجبيه العدو منا. فسقوط ستة مقاتلين اول من أمس يشير الى مأساة ولدت من خلل عملياتي. قذيفة ضربت عموداً سقط الى الأرض وفعّل سلسلة انفجارات. وكل هذا حصل قبل نصف ساعة من موعد تدمير النفق.
وكل هذا يحصل في ظل زيارة وزير الخارجية انطوني بلينكن الذي التقى كابينت الحرب. لقد التقى أساساً اجماعاً في المستوى السياسي والعسكري يعارض بشدة الطلب الأميركي السماح بعودة سكان شمال القطاع الى بيوتهم. في الجيش يرفضون هذا لأسباب عملياتية أيضا ولأن سكان الغلاف لم يعودوا بعد الى بيوتهم. طالما لم يحصل هذا، فلا يوجد ما يبرر تعريض الإنجاز الأكبر للجيش في غزة حتى الآن للخطر.

عن يديعوت أحرونوت

كلمات مفتاحية::
Loading...