في إسرائيل حكايات كثيرة يختلف ويتفق القوم عليها.. أمّا الحكاية الأكثر جاذبية.. والأكثر استعصاء على الحسم، هي حكاية نتنياهو.. الرجل الذي يخسر كثيراً في الاستطلاعات، ويبدو أنه لا يهتم لأن لا انتخابات تلوح في الأفق القريب.
والرجل يخسر العلاقة مع الإدارة الأمريكية التي خاصمته قبل الحرب، وصالحته منذ بدايتها، ولكنه أيضاً لا يأبه بالإدارة، ما دامت تقوم بعملين يريدهما بشدة، الأول تغطية الحرب سياسياً بمنع أي قرار دولي بوقفها، والثاني تغطية نفقات الحرب مهما بلغت، وهو المتحكم الرئيس في استمرارها أو وقفها.
نتنياهو لا يهتم كثيراً بالخسارات مهما كبرت ما دامت لا تصل إلى أمرين، اقصاؤه عن رئاسة الحكومة وتنشيط قضايا فساده أمام المحاكم بما يرسله إلى البيت أو السجن، وما دام مطمئنا إلى أن لا مساس بهذين الأمرين فالخسارة يستطيع ابتلاعها مراهناً على الزمن الذي ربما يساعده في مرحلة ما على تحقيق أجنداته.
غير أن أمراً آخر يجعل نتنياهو الخاسر في الاستطلاعات والخاسر في العلاقات الخارجية مستريحاً.. هو ضعف خصومه، وترددهم في الاقدام على مواقف وإجراءات تنهي رئاسته سواء داخل حزبه أو على مستوى الدولة.. وجداره الاستنادي في هذه الحالة استمرار الحرب مهما بلغت خسائرها، وجدار احتياطي آخر هو توسيع نطاق الحرب لتطال الجبهة الشمالية، فمن يجرؤ على المساس بالقائد الأعلى للجيش وهو يحارب؟؟
هذه معادلة نتنياهو التي توفر له البقاء في موقع القيادة الأولى حتى لو اختلف الكل معه، ولم يسجل التاريخ أن هنالك شخصاً واحداً قلب المعادلة والمنطق، بحيث صار هو أولاً وأخيراً، وإسرائيل مجرد رأسمال يبدده في استثماره الأساسي.. البقاء في السلطة.