هل هناك إمكانية لتحول جدي في السلوك الأمريكي؟

جنود أمريكيون في نيكاراجوا 1912

 

إن دولة مارست كل الموبقات التي نضعها بين أيديكم في هذه المحاولة وقتلت الملايين لا يمكن أن تكون في صف الشعوب ولا يمكن أن تدافع عن قضاياهم، ومن هنا تأتي ضرورة التنبة لأي مشاريع تطرحها الولايات المتحدة يمكن أن تحوي بين سطورها مقتل لقضايا الشعوب المغلوب على أمرها.

فبالرغم من أن عمر الولايات الأمريكية المتحدة لم يكمل بعد 250 عام إلا أنها قضت (90%) من عمرها، (223) سنة في الحروب المختلفة غالباً على الدول المجاورة ودول أخرى بعيدة بغية تطويع بعض هذه البلدان ونهب ثرواتها واحتلال أجزاء من بعضها كما حصل مع المكسيك وكوبا وهندوراس.

أكثر من (90) حرباً وعدواناً، منها جرائم حرب، منها جرائم الابادة الجماعية والتطهير العرقي وأخرى جرائم ضد الانسانسة كل ذلك من أجل الهيمنة على العالم ونهب ثرواته. ففي عام 1833 قامت القوات الأمريكية بغزو نيكاراغوا، وفي1846 احتلت القوات الأمريكية أرضا مكسيكية وضمتها إليها، وهي ما تعرف اليوم بولاية تكساس واحتلت 1848 أرضاً مكسيكية ضمتها إليها تعرف الآن بكاليفورنيا.

ثم دمرت الولايات المتحدة ميناء "غراي تاون" في نيكاراغوا، انتقاماً منها لعدم قبول حكومتها دخول عميل أمريكي إلى أراضيها وذلك عام 1854 ثم تدخلت مجدداً عام 1857 لمنع وليام روكر الذي يعتبر خصم لأمريكا من تولي السلطة في العام الذي سبقه كانت قد غزت القوات الأمريكية أورغواي، وقناة بنما.

 قامت القوات الأمريكية عام 1873 بغزو كولومبيا، ثم خاضت معارك ضدها على مدى ستة أعوام غير متتالية بين 1885و 1899م. في سنة 1888 تدخلت أمريكا عسكرياً في هايتي وفي 1891 تدخلت في جمهورية تشيلي وفي عام 1894 أعادت التدخل في نيكاراجوا.

في سنة1898 تدخلت أمريكا في كوبا، وحاصرت قواتها في البحر، وأخذت عنوة خليج "غوانتانامو" الذي تأسر فيه حالياً مئات المعارضين لسياساتها في العالم في ظروف وحشية همجية لا إنسانية، باعترافات قادة أمريكا أنفسهم، بين 1901و 1902 تدخلت أمريكا في كل من كولومبيا والهندوراس ثم أعادت الهجوم على الهندوراس وقد استولت على ستة مدن في الهندوراس 1907 وسبق ذلك هجوم على بنما 1904.

في سنة 1907 أعادت مهاجمة نيكاراغوا والمكسيك لمساعدة الدكتاتور المكسيكي "بورويرو دمزبراي، كما غزت جمهورية الدومينيكان لقمع الثورة. أما 1908 فقد أسهمت في تأجيج الحرب بين الهندوراس ونيكاراغوا عبر تدخلها بين الطرفين.

بين الأعوام 1910 و1912 تدخلت عسكرياً لتزوير نتائج الانتخابات في بنما، والتدخل لقمع وإنهاء الانقلاب الذي قاده النيكاراغويين ضد رجل أمريكا في نيكاراغوا، كما دخلت عبر قواتها العسكرية إلى الهندوراس لدعم مانويل بونيلا الذي أعلن تمرده ضد الرئيس المنتخب ميغيل داويا، كما تدخلت عسكرياً في الصين، في سنة 1911 ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية وبشكل مباشر في قمع الانتفاضة الفلبينية المناهضة لها.

في سنة 1914 قامت قوات "المارينز" بالدخول إلى هاييتي في عملية إنزال جوي، وسرقوا البنك المركزي فيها، بحجة استرداد ديون أمريكية. وقد احتلت كل الجزيرة وبقيت فيها حتى العام 1934.

سارعت القوات الأمريكية إلى التدخل في جمهورية الدومينيكان لدعم السلطة الفاسدة ضد ثورة عارمة قام بها الدومينيكانيون وفرضت عليهم حكومة عسكرية عميلة لها، وبقيت حتى عام 1924م.وفي الاثناء احتلت جزيرة كوبا 1917، تبعها تدخل عسكري جديد في بنما و1919 تدخل عسكري في كوستاريكا مضاف إليه مشاركتها في الحرب العالمية، كما جرت محاولات تدخل في روسيا بين الأعوام 1918 و1920.

بين الأعوام 1920و 1945 هاجمت كل من هايتي واحتلتها والهندوراس أكثر من مرة وبنما، ونيكاراغوا مرات عدة توجت باحتلالها، وغواتيمالا والسلفادور بشكل متكرر وتركيا ثم احتلال الصين. في عام 1945 قصفت الولايات المتحدة مدينتي هيروشيما وناجازاكي في اليابان، وفقد حوالي 220 ألف شخص حياتهم نتيجة لإلقاء القنبلة الذرية، إذ قتل أكثر من 100 ألف شخص خلال القصف مباشرةً، والباقي فقدوا حياتهم نتيجة للإشعاعات التي أُصيبوا بها.

بين الأعوام 1947 و1965 هاجمت اليونان والفلبين وبورتوريكو كما أشعلت الحرب الكورية وتدخلت في إيران لإسقاط حكومة محمد مصدق الوطنية لإعادة الشاه إلى الحكم كما أطاحت بالقوة بحكومة غواتيمالا وهاجمت لبنان وكوريا وبنما ولاوس وهايتي مجدداً إضافة إلى عمليات عسكرية ضد الاكوادور. ثم أعادت غزو كوبا عبر إنزال في خليج الخنازير 1961.تلاها قرار الرئيس الأمريكي في حينه كيندي بفرض حصار غير مسبوق على الجزيرة لإجبار السوفييت على سحب صواريخهم من هناك، في عام 1965 اعادوا مهاجمة بنما.

في عام 1965 قرر صناع السياسة الأمريكية زج جيش الولايات المتحدة الأمريكية في "حرب فيتنام"، التي مارس فيها الجيش الأمريكي أبشع أنواع الإبادة وجرائم الحرب التي طالت الإنسان والحيوان والنبات عبر سموم القتها الطائرات الأمريكية بغية اتلاف المزروعات وحرمان الفيتناميين من الغذاء. ثم عاودت مهاجمة جواتيمالا مجدداً عام 66 وأرسلت فرق من المخابرات المركزية إلى بوليفيا للمساعدة في القضاء على ثورة تشي جيفارا.

عام 1970 غزت أمريكا كمبوديا، واعتدت على "ممثل شرعيتها" الأمير سيهانوك، الشخص المحايد في حرب فيتنام، وأسقطته. وسلمت الحكم إلى حكومة ضعيفة موالية لها. ودعمت في العام التالي عسكرياً اندونيسياً صد الفلبين تلا ذلك قصف لاوس.

في عام 1973 اغتالت امريكا عبر أعوانها الرئيس التشيلي المنتخب سلفادور اليندي وفرضت حكومة عسكرية مما زعزع الاستقرار في المنطقة، في 1980 أمدّت أمريكا أعوانها في نيكاراغوا (الذين عرفوا بالكنترا) بالخبراء والمرتزقة والأسلحة لاسقاط الثورة الساندينية.

منذ العام 1983 قامت لولايات المتحدة بعمليات عسكرية ضد إيران، وتدخل عسكري في غرينادا وهاجمت ليبيا، وأعادت مهاجمة الهندوراس، وغزت بنما واعتدت على البوسنة واحتلت العراق ودمرته وقسمته كما احتلت الصومال وفككت يوغسلافيا عبر حرب مدمرة كما هاجمت السودان، احتلال افغانستان وتدمير كل مؤسسات الدولة هناك، مضاف إلى كل ما سبق إسقاط طائرة مدنية إيرانية على متنها 290 راكباً. أما حماية إسرائيل وتمكينها من ممارسة العربدة في كل منطقة الشرق الأوسط عبر تزويدها بأحدث الأسلحة بما فيها المحرمة دولياً مضاف إليها حماية سياسية وقانونية غير مسبوقة من خلال السماح لإسرائيل بالاستمرار باحتلال أراضي الغير ومنحها حصانة في المؤسسات الدولية وبالأساس في مجلس الأمن الدولي، توجت كل ذلك بمشاركة فعلية ومباشرة في العدوان السافر الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني منذ قيام دولة الاحتلال والذي تضاعف خلال العدوان الأخير المستمر على قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.  

بناء على كل ما سلف لا أعتقد أن الوقت قد حان لحصول تبدل دراماتيكي في الدور الأمريكي لصالح الشعوب وحقوقها.

Loading...