يواصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو توجيه دولة إسرائيل من جبل جليدي إلى جبل جليدي آخر. في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل و»حزب الله» تبادل رسائل التهديد بينهما، ينفلت نتنياهو مرة أخرى بلا خجل على الحليف الأهم لإسرائيل، ويتهم الولايات المتحدة – موردة السلاح، المعلومات الاستخبارية، المساعدات العسكرية والإسناد الدبلوماسي في المؤسسات الدولية – لتركها لمصيرها وبتأخير إرساليات السلاح إليها.
لم يسبق أن كانت الإمكانيتان اللتان أمام إسرائيل اكثر وضوحا. الأولى تنطوي على استمرار الحرب في غزة، دون هدف سياسي، وفي ظل احتلال القطاع وإقامة نظام عسكري «مؤقت» – وكل ذلك على حساب حياة المخطوفين؛ وفي الوقت نفسه الانجرار إلى حرب مع «حزب الله» في الشمال والمخاطرة بحرب شاملة ومتعددة الساحات ضد «حماس» و»حزب الله» وانتفاضة في الضفة، إضافة إلى تهديدات من الحوثيين في اليمن، من ميليشيات عراقية وبالطبع من ايران. وكل هذا في الوقت الذي تعرض فيه العلاقات مع الولايات المتحدة للخطر وتفاقم العزلة الدولة.
الإمكانية الثانية هي العمل يدا بيد مع الرئيس جو بايدن وقبول مخططه لإنهاء الحرب في قطاع غزة وبلورة حلف الدفاع الإقليمي بقيادة الولايات المتحدة. في هذا الحلف يندرج أيضا اتفاق تطبيع مع السعودية ما يستوجب استعدادا للعودة إلى مفاوضات سياسية على أساس الاعتراف بدولة فلسطينية وحل وسط إقليمي.
ليلة الصواريخ من ايران في نيسان وفرت للإسرائيليين إطلاله واضحة على المعنى الكامل لحلف الدفاع الذي عملت عليه إدارة بايدن. كان هذا عرضا جوهريا للمسار الوحيد الذي يوجد فيه مستقبل لإسرائيل. لقد تمتع الإسرائيليون بمظلة دفاع وفرتها لها معا الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، دول الخليج المعتدلة والأردن. إذا كان الإسرائيليون يريدون تطوير هذا الحلف والتمتع بثماره، فمطلوب تغيير 180 درجة في نهجهم تجاه المشكلة الفلسطينية. لا عودة إلى مسار «إدارة النزاع» والرفض السياسي. لا لـ»حماس» معناها نعم للسلطة الفلسطينية.
«لقد كانت هذه الحرب ضرورية للمنطقة كونها أفشلت محاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني وسيطرته في المنطقة»، شرح في بداية الشهر الزعيم الأعلى لإيران علي خامنئي. من هنا يمكن أن نتعرف على ما يشغل بال الإيرانيين ووكلائهم في الشرق الأوسط: إقامة محور معتدل يضع حدا للعدوان الإيراني ويفتح مسارا جديدا للاتفاق بين إسرائيل ومحافل فلسطينية معتدلة.
على إسرائيل أن تنضم إلى حلف المعتدلين ولهذا الغرض فإنها ملزمة بأن تتخلص من المتطرفين في الحكومة، وبالأساس إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش ورفاقهما. ولما كان نتنياهو غير معني بالتخلص من أناس «عظمة يهودية» لأن بقاءه السياسي متعلق بهم، فإن الطريق الوحيد لإنقاذ الدولة وإعادتها إلى مسار سواء العقل هو التوجه إلى الانتخابات واستبدال الحكومة الأسوأ التي شهدتها إسرائيل.