مازالت معركة المواجهة والصدام في قطاع غزة بين قوات المستعمرة من جهة، وقوى المقاومة الفلسطينية من جهة أخرى، مستمرة لم تتوقف، وصعوبة أن تتوقف، أو تنتهي، قبل أن تستنفد أسباب المواجهة وأهدافها، وقبل أن تحسم النتائج في الميدان بالانتصار أو بالهزيمة لطرف على حساب آخر.
الفلسطينيون صمدوا رغم أنهم دفعوا أثماناً باهظة باستشهاد عشرات الآلاف من المدنيين، غير أضعافهم ممن تعرضوا للاصابات والاعاقات، وتم تدمير أكثر من خمسين بالمئة من بيوتهم وعماراتهم ومؤسساتهم المدنية، ومع ذلك لازال لديهم القدرة على توجيه ضربات موجعة لقوات الاحتلال، ولا خيار أمامهم سوى الصمود والمقاومة.
الاسرائيليون تمكنوا من قتل عشرات الالاف من المدنيين ومن المقاتلين الفلسطينيين، وحولوا قطاع غزة إلى حالة من الخراب والدمار، ولكنهم فشلوا إلى الآن في تحقيق برنامجهم وخاصة تصفية قيادات المقاومة الفلسطينية وشل قواعدها ونزع قدراتها على العمل، كما فشلوا في إطلاق سراح أسراهم المحتجزين.
الفلسطينيون صمدوا ولكنهم لم ينتصروا بعد، والإسرائيليون فشلوا ولكنهم لم يُهزموا بعد، وبذلك المعركة مستمرة، تزداد قسوة وعنفاً، من قبل قوات الاحتلال، لأن قادة المستعمرة وحكومتهم والائتلاف الحزبي الذي يقودهم لا يستطيع التسليم بالهزيمة، بعد الفشل في تحقيق أهدافهم الخمسة، رغم القصف العنيف، والاجتياح الشامل، والتدمير الكلي، واستهداف المدنيين، ولكنهم فشلوا:
1- في قتل قيادات المقاومة وتصفيتها.
2- فشلوا في إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، بدون عملية تبادل.
3- فشلوا في طرد الفلسطينيين الذين أرغموهم على الرحيل من مدن وقرى القطاع من شماله إلى جنوبه، فشلوا في إجبارهم على الرحيل نحو سيناء المصرية، لأنهم يهدفون إلى التخلص من السكان والديموغرافيا الفلسطينية.
4- فشلوا في إعادة المستوطنين إلى مساكنهم لدى المستعمرات المحاذية لغلاف غزة.
5- فشلوا في إيجاد فلسطينيين من قادة ورموز العشائر والعائلات الغزاوية، يتعاونون معهم في إدارة القطاع، تحت حكم وسلطة الاحتلال، ولذلك لا يوجد جواب على السؤال المطروح ماذا سيكون الوضع لليوم الثاني أو التالي، أي بعد استتباب الأمن لقوات الاحتلال، ولهذا يرفض نتنياهو الحديث عن اليوم الثاني، قبل أن يُنهي ما يسعى إليه.
الوسطاء وفي طليعتهم الولايات المتحدة فشلت في تحقيق حل وسط لسياستها، فهي لا تريد الهزيمة للمستعمرة ولا تقبل لها ذلك، ومع أنها وفرت لقوات الاحتلال ما تستطيع تقديمه من أسلحة متطورة وذخائر، ومعلومات استخبارية، وقدرات تكنولوجية متطورة، ولكنها وصلت لنتيجة خلاصتها أن قوات المستعمرة لم تتمكن من هزيمة قوات المقاومة، ويبدو أنها لن تتمكن، ولهذا أصابها الفشل في مساعيها إلى الآن للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وحسب مبادرة الرئيس بايدن، ووفق قرار مجلس الأمن.
مبادرة الرئيس بايدن، وقرار مجلس الأمن، وتوجهات الوسطاء، رحبت بهم قوى المقاومة، رغم الملاحظات المسجلة من جانبهم على المبادرة الأميركية وعلى قرار مجلس الأمن، ولكن نتنياهو وفريقه الائتلافي لم يرحبوا، ولم يقبلوا عملياً لا بالمبادرة الأميركية، ولا بقرار مجلس الأمن، لأن لا مصلحة لهم بوقف إطلاق النار، ولا مصلحة لهم بإطلاق سراح الأسرى عبر عملية تبادل، ولهذا لم يقدم أي من فرق الوسطاء بخطوات يمكن أن تؤدي إلى وقف إطلاق النار، والمعركة متواصلة ونتائجها ما زالت مفتوحة على كافة الاحتمالات.