يتوجه الإيرانيون إلى صناديق الاقتراع غداً لانتخاب رئيس جديد للجمهورية الإسلامية من بين ستة مرشحين أحدهم نائب إصلاحي لم يكن معروفاً على نطاق واسع ويأمل في تحقيق اختراق على الرغم من هيمنة المحافظين.
كانت الانتخابات الرئاسية مقررة في ربيع 2025، لكن تم تقديمها إلى 28 حزيران بعد مصرع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وسبعة مرافقين له أبرزهم وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان في تحطم مروحية بشمال غربي البلاد في 19 أيار.
ويُقام هذا الاقتراع في سياق دقيق بالنسبة للجمهورية الإسلامية التي تواجه توترات داخلية وأزمات جيوسياسية من الحرب في غزة إلى الملف النووي، وذلك قبل خمسة أشهر فقط من الانتخابات الرئاسية المقررة في الولايات المتحدة عدو طهران اللدود.
والمرشحون الستة هم من أقر أهليتهم مجلس صيانة الدستور وهو هيئة غير منتخبة يهيمن عليها المحافظون، من بين 80 قدموا طلبات ترشيح.
ويحظى ثلاثة من هؤلاء المرشّحين بفرص أفضل للفوز وهم الرئيس المحافظ للبرلمان محمد باقر قاليباف والمحافظ المتشدّد سعيد جليلي الذي قاد التفاوض مع القوى الكبرى بشأن الملف النووي والنائب الإصلاحي مسعود بازشكيان.
وقد تؤدي هذه المنافسة إلى إجراء جولة ثانية، وهو ما لم تشهده الجمهورية الإسلامية منذ قيامها قبل 45 عاماً إلّا مرة واحدة في الانتخابات الرئاسية للعام 2005.
ودعا المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي الثلاثاء إلى "مشاركة مرتفعة".
ويعتبر خبير الشؤون الإيرانية في مجموعة الأزمات الدولية علي فايز أن على الرئيس المقبل مواجهة "التحدي المتمثل في اتساع الفجوة بين الدولة والمجتمع".
ولم يطرح أي مرشح حتى اللحظة "خطّة ملموسة لحلّ المشاكل" وفق قوله.
وسبق أن أكّد الإصلاحي مسعود بازشكيان (69 عاماً) إمكانية "تحسين" جزء من المشاكل التي يواجهها سكان إيران البالغ عددهم 85 مليوناً.
لكن بالنسبة لبعض المقترعين، يفتقر هذا الطبيب النائب في مجلس الشورى، للخبرة في الحكم فهو لم يشغل سوى منصب وزير الصحة قبل نحو عشرين عاماً.
بخلافه، يتمتّع محمد باقر قاليباف (62 عاماً) بخبرة سياسية واسعة بعد أن عمل ضمن الحرس الثوري الإيراني.
أمّا المرشح سعيد جليلي (58 عاماً) الذي فقد ساقه خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980 - 1988)، فهو يتبنى سياسة عدم المرونة في مواجهة الدول الغربية.
في المقابل، يدعو مسعود بازشكيان إلى تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا من أجل رفع العقوبات التي تؤثر بشدة على الاقتصاد الإيراني.
ويحظى بدعم من وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف مهندس الاتفاق النووي المبرم مع القوى الدولية الكبرى في العام 2015.
وكان بازشكيان قد انتقد افتقار السلطات للشفافية في قضية مهسا أميني، الشابة التي أثارت وفاتها أثناء توقيفها على خلفية عدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية، حركة احتجاجات واسعة في أواخر العام 2022.
وقال بازشكيان: "منذ 40 عاماً، نعمل على السيطرة على وضع الحجاب، لكننا زدنا الوضع سوءا".
وتبنى معظم المرشحين الآخرين نبرة حذرة أكثر بشأن هذا الملف، معلنين أنهم يعارضون نشر شرطة الأخلاق.
وواحدة من النتائج المؤكدة للانتخابات هي أن الرئيس المقبل سيكون مدنياً وليس رجل دين مثل الرئيسين السابقَين حسن روحاني وإبراهيم رئيسي.
لذلك لا يمكن اعتباره خلفاً محتملاً لآية الله علي خامنئي البالغ من العمر 85 عاماً والذي يشغل منصب المرشد الأعلى منذ 35 عاماً.
ودعا الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني أمس إلى التصويت لصالح بازشكيان، معرباً عن أمله بأن يتمكن من تحسين العلاقات مع الدول الغربية.
وفي مقطع فيديو نشر في اليوم الأخير من الحملة الانتخابية، اعتبر روحاني البالغ 75 عاماً وكان رئيساً بين 2013 و2021، أن بازشكيان يتمتع بعدة "مزايا مثل النزاهة والشجاعة والوفاء تجاه الأمة" تمكنه من أن يصبح رئيساً للجمهورية الإسلامية.
وأضاف: "أطلب ممن يريدون إرساء علاقات بناءة مع العالم والاعتدال التصويت لصالح الدكتور مسعود بازشكيان".
وشدد الرئيس الأسبق على أن المرشح يريد، في حال تم انتخابه، "إحياء" الاتفاق النووي المبرم في 2015 مع الدول الكبرى والذي مهد لتحسين العلاقات مع الغرب خلال ولايته.
وقال روحاني: "يتعين علينا التصويت لصالح شخص مصمم على إلغاء أي عقوبة على الشعب الإيراني".
وحصل بازشكيان الثلاثاء بالفعل على دعم الرئيس الأسبق الإصلاحي محمد خاتمي (1997 - 2005).