مقالات مختارة

«لـعـبـة» نـتـنـيـاهـو مع الديمقراطيين الأميركيين | ناحوم برنياع

 

في اللهجة الاميركية يوجد معان لكلمة "بوسي كات". احدها هو طري، ضعيف، قططي، مريح للدوس. مؤيدو ترامب درجوا على ان يبجلوا بهذا التعبير خصومهم من الحزب الديمقراطي وعلى رأسهم الرئيس بايدن. لا ادري كيف يصف نتنياهو الديمقراطيين في الاحاديث التي يجريها رون ديرمر هذه الأيام، لكن هذه فرضية عمله منذ البداية. بالفعل، هم بوسي كات: هو محق في الماضي ويحتمل جدا ان يكون محقا اليوم أيضا. لقد درجنا على أن نفكر بانه في المواجهة بين القوة العظمى والدولة المرعية الصغيرة الحجم الأكبر يقرر دوما. لكنه يتبين انه في العلاقات بين حكومات إسرائيل والإدارات الديمقراطية ليس الحجم هو ما يقرر بل الوقاحة.
أمس، نشر نتنياهو بياناً يكرر ادعاءه بأن إدارة بايدن تمنع عن إسرائيل ذخيرة حيوية لحمايتها. "توجهنا الى أصدقائنا الأميركيين بطلب لتسريع الارساليات"، قال نتنياهو. "تلقينا كل أنواع التفسيرات لكن الوضع الأساس لم يتغير: عناصر معينة وصلت بالتنقيط، لكن الكتلة الكبرى من الذخائر بقيت في الخلف".
لافضل علمي، ادعاء نتنياهو لا يستوي مع الرسائل التي خرجت في الأشهر الأخيرة من جهاز الامن. نعم، نشأ نقص في نوع معين من الذخائر الاميركية. لابطاء التوريد يوجد بضعة أسباب: قيود انتاج في ضوء المطالب الحربية الموازية لاوكرانيا ولاسرائيل؛ تبذير هائل من الجيش الإسرائيلي بالذخيرة في الأسابيع الأولى من الحرب واخفاقات في إدارة اقتصاد الذخائر في الأشهر التالية؛ معارضة الأميركيين لاستخدام إسرائيلي لذخائر تتسبب بدمار كثيف، دمار تلتقط صوره على نحو سيء ويخلق مشكلة سياسية في ذروة سنة انتخابات.
لنفترض للحظة ان جهازنا الأمني يكذب ونتنياهو يقول الحقيقة. لا يزال واجب السؤال، ما الذي يدين به الاميركيون لنا. ليسوا هم من اخفقوا في 7 أكتوبر؛ ليسوا هم من بنوا على مدى السنين عظمة حماس.
لنتنياهو يوجد على هذا السؤال جواب ممتاز: "قررت ان اعطي (لادعاءاتي) تعبيراً علنياً انطلاقاً من تجربة سنين وعرفت بان هذه الخطوة حيوية لاجل تحرير السدادة" قال في بيانه أمس. بكلمات أخرى: الديمقراطيون هم رخوون: انا اعرف هذا من تجربة سنين. حيالهم يمكنني أن اسمح لنفسي بالوقاحة.
كان، بالطبع، سبب آخر للجلبة التي اثارها نتنياهو، مكشوفة وعديمة الخجل: توقيت رحلة غالنت. ما كان لاي رئيس وزراء ان يهاجم الإدارة في اليوم الذي يهبط فيه وزير دفاعه في واشنطن في الموضوع إياه، مع حقيبة الطلبات إياها. في افضل الأحوال غالنت سينجح في مصالحة الأميركيين. نتنياهو سيقول عندها ان ليس غالنت هو من حرر السدادة، انا الذي حررتها. في حالة اقل جودة الإدارة سترفض، غالنت سيفشل ونتنياهو مرة أخرى سيحتفل. الخطوة مغرضة جدا، تهكمية جدا، سائبة جدا.
ما يعيدنا الى الطبيعة الرخوة للادارات الديمقراطية. وزراء خارجية جمهوريون لم يترددوا في الصدام مع حكومات إسرائيل. هنري كيسنجر فعل هذا في اثناء حرب يوم الغفران وبعدها. جيمس بيكر فعل هذا في اثناء وبعد حرب الخليج الأولى. كلاهما كانا محررين من الاعتبار السياسي. "فليتخوزق اليهود"، نقل عن بيكر (ونفى). "على أي حال هم لن يصوتوا لنا".
الديمقراطيون ينظرون الى حكومات إسرائيل عبر موشور ناخبيهم اليهود. حكومة يهودية، هكذا هم يظنون، ستكون دوما ديمقراطية، ليبرالية، محبة للسلام وتتطلع الى اصلاح العالم؛ مثلهم مثلنا. هم يستصعبون الفهم كم هي حكومة إسرائيل الحالية بعيدة عن سلم قيمهم. هم يتشوشون.
رئيس مجلس النواب مايكل جونسون، جمهوري، تبنى فكرة مغرية تلقاها من ديرمر: بغياب دعوة من البيت الأبيض، مجلس الكونغرس يدعوان رئيس وزير إسرائيل للخطاب امامهما. جونسون اضطر لموافقة زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشارك شومير، ديمقراطي. شومير فهم المناورة: نتنياهو سيأتي، سيلذع بايدن، سيشعل نارا في داخل الكتلة الديمقراطية ويتسبب باستئناف موجة المظاهرات ضد ومع إسرائيل. الجمهوريون سيحتفلون؛ الناخبون اليهود سيهربون. على الرغم من ذلك قال شومير نعم. لماذا؟ لأن سناتورا يهوديا من نيويورك لا يمكنه خلاف ذلك؛ لانه ديمقراطي؛ لانه رخو.
نتنياهو عرف مع من يتعامل: اصدر على الفور شريطا ضد بايدن، وامس شريطاً آخر.
أحيانا الديمقراطيون يعاقبون، لكن عندها يختارون العقاب غير الصحيح. ردا على شريط نتنياهو الأول الغى البيت الأبيض المحادثات الاستراتيجية مع إسرائيل. المحادثات كان يفترض بها أن تبلور سياسة مشتركة تجاه ايران، التي تقترب بخطوات كبرى نحو القنبلة. نتنياهو لم يتراجع: ايران ليست في رأسه الآن.
كان يمكن للديمقراطيين ان يختاروا طريقا بديلا: ان يستأنفوا المحادثات على التهديد الإيراني ويرتبوا توريد الذخائر. يدور الحديث عن مصلحة امنية حيوية للدولتين. بالتوازي كان يمكنهم أن يلغوا زيارة نتنياهو – الشريط الوقح ليوم أمس هو ذريعة جيدة – والايضاح لكل العالم بان إسرائيل في جهة وحكومة نتنياهو في جهة أخرى. حب عظيم لإسرائيل واحتياجاتها الأمنية؛ ابتعاد واضح عن حكومتها.
كان يمكنهم أن يعلنوا مسبقا انهم لن يستخدموا الفيتو في مجلس على خطوات سموتريتش وبن غفير في الضفة. وسيستخدمون عقوبات شخصية ومؤسساتية على المشاركين؛ كان يمكنهم ان يشددوا الرقابة على تحويل التبرعات الى جهات تستثمر في الضفة بمن فيهم الحريديم. جهات كهذه لا يمكنها أن تستخدم شبكة البنك الدولية التي مركزها في نيويورك. وأخيراً وليس آخراً، كان يمكنهم أن يعلنوا لابن، عزيز رئيس الوزراء، هو وحراسه، بأن المغامرة في ميامي انتهت. فليبدأ في هنغاريا، وغيرها وغيرها.
لا تقلقوا: هم لن يفعلوا كل هذه الأمور. لطفهم سيقتلنا.

عن يديعوت أحرونوت

 

 

Loading...