في مناظرته التي ما يزال العالم يتحدث عن تفاهتها وهبوط مستواها السياسي والأخلاقي، استخدم دونالد ترامب مصطلح الفلسطيني السيء في وصفه لمنافسه الباهت جو بايدن.
لم يتوقف العالم عند هذه الجملة العنصرية، ليس لأنه يوافق عليها، ولا لأنه يتفهم دوافعها، بل لأن ترامب بحد ذاته يجسّد مجمعاً مكتظاً بالأخطاء والموبقات، أليس هو من اقتطع من لحم الفلسطيني والسوري أرضاً هي بمكانة القلب من الجسد، ليمنحها لشريكه نتنياهو في صفقة القرن وهي الجولان والقدس.
لقد تعّود العالم على ترامب ومصطلحاته وسلوكه الشاذ، أليس هو من أطلق النار على الكونجرس بعد اقتحامه، ونظراً لانحطاط الطبقة السياسية الأمريكي فها هي تكافئه على ما فعل بأنها سَتُتوِّجُهُ من جديد كرئيس للدولة العظمى!
ليس ترامب موضوعنا وإنما هو شخص آخر اسمه محمد أبو سلمية، مدير مجمع مستشفيات الشفاء بغزة، الذي اعتقل لعدة أشهر، دون توجيه تهمة تستحق الاعتقال والمحاكمة، فقط كان اعتقاله لإكمال المشهد الإجرامي الذي صنعت منه الفاشية العسكرية قرينة كاذبة لتدمير أهم وأكبر مرفق صحي في غزة وربما في فلسطين، تحت ذريعة ثبت بطلانها وهو أن المجمع قاعدة عسكرية لحماس، وأن مديره والعديد من زملاءه الأطباء جنرالات في جيشها ومقاومتها.
تم إطلاق سراح محمد أبو سلمية الذي يستحق لقب الفلسطيني الجيد، وقد كشف إطلاق سراحه كم هي الطبقة السياسية الإسرائيلية هشة وفوضوية ومربكة، فقد أثار اطلاق سراح أبو سلمية عاصفة هوجاء من اتهامات متبادلة وتنصلات من القادة حول معرفتهم بالأمر وسماحهم بالإفراج.
الدكتور محمد أبو سلمية وعد بعد خروجه من السجن أنه سيواصل العمل في مهمته الإنسانية الحضارية المحترمة، وأنه سيعمل مع من يساعد لإعادة الحياة لمجمع الشفاء العظيم، الذي دخل التاريخ كصرح حضاري إنساني بناه الغزيون بمبادراتهم وعرق جبين أطبائهم وممرضيهم وإدارييهم، والدكتور أبو سلمية الذي يتماثل مع مستشفى الشفاء في المكانة والمغزى يصلح كرسالة موجهة إلى الرئيس ترامب عنوانها.. من فلسطيني جيد إلى أمريكي سيء.