منذ اليوم الأول لحرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على غزة وإلى أيامنا هذه، اخترعت أمريكا أحجية بدت كما لو أنها لتزوير موقفها من الحرب الخطرة وحرفها عن مساراتها التدميرية، وذلك بتعميم السؤال من يحكم غزة في اليوم التالي؟
لقد انجر العالم بما في ذلك الطبقة السياسية الفلسطينية بمختلف أشكالها، المفاوضة والمقاتلة، إلى هذه الأحجية، لتظهر إجابات متعددة عن سؤال.. هل هي حماس؟ هل هي فتح؟ "أي سلطة رام الله"، هل هي توليفة عربية مطعمة بعناصر دولية؟
هل هي إسرائيل التي تسعى لتوفير سيطرة على غزة على شاكلة السيطرة على الضفة؟ أم روابط عشائر على هيئة روابط القرى التي فشلت في الضفة وفشلت قبل أن تولد في غزة، أم ماذا؟؟؟
الانجرار وراء هذا السؤال، والاقتتال على الإجابة عنه كان التضليل الأفظع الذي تغطّت به حرب الإبادة إسرائيلياً وأمريكياً، حتى بدا للعالم أن هدف الحرب أساسه من يحكم غزة، أو ما تبقى منها.
نحن الآن في الشهر التاسع، والمؤشرات تدل على أننا ذاهبون لإكمال السنة الأولى، والدمار مستمر والنزف البشري لا يتوقف، وأمريكا وإسرائيل تبدوان كما لو أنهما تبحثان عن إبرة في كومة قش، وقد تتوقف الحرب حين يجدونها وهي الإجابة الحاسمة عن السؤال.. من يحكم غزة؟
أهل غزة الذين يكابدون ما لم يكابد مثله أحد في التاريخ، ليسوا معنيين بمن يحكم بقدر ما هم معنيون بمن يخلّص وحتى الآن لم يجدوا جواباً شافياً عن السؤال.