كثيرون ينتقدون رئيس حكومة المستعمرة نتنياهو، سواء من داخل المجتمع الإسرائيلي من قبل قوى المعارضة، أو من قبل دول قريبة أو داعمة للمستعمرة، ينتقدونه لأنه لا يملك برنامجا، أو خطة، لليوم التالي بعد توقف القتال ومعركته ضد شعب قطاع غزة وأهله.
نتنياهو صاحب المشروع والقرار في الحرب على قطاع غزة، محق وكل منتقديه غير محقين، فهو الذي يعرف الحال، وهو يعرف ماذا يريد، قبل حلفائه ومعارضيه، وهو الذي يدرك أنه لم ينل مراده بعد، رغم الجرائم التي قارفها بقتل عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، وتدمير مدن وقرى وأحياء قطاع غزة، وأنه أخفق في معركته وفي برنامجه، ولا زال غارقا في أجواء المعركة وجوفها، ولم تتضح نتائجها بعد، فالنتائج معلقة بنهاية الحرب التي لم تنتهِ، ولم تتوقف.
معركة غزة الشرسة والهجوم الهمجي ضد أهلها وسكانها المدنيين لم تتوقف، ولا زالت متواصلة، فكيف سيضع نتنياهو خطته بعد الحرب، والحرب لم تنتهِ، ووقائعها دالة إلى الآن نحو الإخفاق والفشل، وتوقفها إذا لم يحقق أهدافه في القضاء على قيادات المقاومة واجتثاث حركة حماس، ولم يتم إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين بدون عملية تبادل، ستكون الحصيلة عنوانها الهزيمة له، فكيف سيفرض اليوم التالي وقد واجه الهزيمة، سيكون ولا شك اليوم التالي عنوان هزيمته، وإذا تحقق له ما يريد من الحرب وأهدافها، سيكون اليوم التالي انعكاساً لنتائج أهدافه، فاليوم التالي هو نتاج الحرب، نتاج الانتصار أو الهزيمة.
ولذلك يبقى السؤال بكل الأحوال ما هي الاحتمالات المفتوحة على اليوم التالي:
أولاً تشكيل فريق فلسطيني يقبل بنتائج الهزيمة والرضوخ لمصالح ورؤى الاحتلال وسياسته، وهذا أمر مستبعد إلى الآن.
ثانياً أن تعود السلطة الفلسطينية إلى غزة، وهذا لن يتم إلا بتوافق فلسطيني بين فتح وحماس وهي نتاج الموقف الوسطي بدون هزيمة وبدون انتصار .
ثالثاً الإقرار بدور حماس وانتصارها والاعتراف بها، كما حصل مع الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي كان عنواناً «للإرهاب» في نظر الإسرائيليين والأميركيين، وهو على أثر الانتفاضة الأولى وقّع مع اسحق رابين يوم 13/9/1993 اتفاق أوسلو في حديقة الورود في البيت الأبيض، ولذلك لن يكون مستبعداً أن تصل تل أبيب وواشنطن إلى تفاهم واتفاق مع حركة حماس، والإقرار بسلطتها على قطاع غزة.
الاحتمالات الثلاثة مفتوحة للتحقق، وكل طرف في الصراع له مصلحة في فرض ما يراه مناسباً، ولكن ذلك لن يتحقق إلا بوضوح نتائج المعركة التي ما زالت مشتعلة، بين الصمود الفلسطيني والإخفاق الإسرائيلي.
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا يخرج عن أي من قوانين الصراع، وتداعيات نتائج أي صراع، حيث لا يستطيع المهزوم أن يفرض سياسته ورؤيته على المنتصر، بل إن المنتصر هو الذي يفرض نتيجة انتصاره على المهزوم، فكيف يستطيع نتنياهو أن يفرض اليوم التالي وهو ما زال يواجه الإخفاق والفشل، والفلسطيني كيف يستطيع فرض ما يراه وطنياً وهو لم ينتصر بعد، فالصمود غير كافٍ لفرض الهيمنة، ولكن الصمود لا شك وفر للفلسطينيين أن لا يقبلوا بالصيغ التي تتحدث عنها واشنطن، ونتنياهو حينما يقول لن تسكت المدافع إلا بتحقيق الانتصار الحاسم، ويعمل على إدامة الحرب واستمراريتها، لأن توقفها يعني هزيمته، وتحقيق الانتصار للفلسطينيين رغم الكلف الباهظة التي دفعوها، وهي كلف واجهها الشعب الفلسطيني وقياداته من ياسر عرفات إلى أحمد ياسين إلى أبو علي مصطفى وغيرهم من القادة الشهداء.