إن الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية بشأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية هو قرار تاريخي يدعو إلى فرض عقوبات دولية على إسرائيل ويزيد من العزلة الدولية والدبلوماسية التي تعيشها على إثر حرب الإبادة التي تنفذها بحق شعبنا. وينبغي للأمم المتحدة تنفيذ برنامج لتفكيك نظام الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي والتمييز العنصري ووضع الآليات التنفيذية لهذا الأمر، وتمكين شعبنا من تحقيق تقرير المصير والاستقلال الوطني والسيادة على الأرض وفق كافة القرارات الأممية السابقة والتي لم ترى التنفيذ بحكم هيمنة الولايات المتحدة على النظام الدولي حتى الآن.
إن ممارسات حكومات الاحتلال الاستعماري الإحلالي تعتبر جرائم حرب وجرائم بحق الإنسانية، مما يستدعي المساءلة السياسية والقانونية الكاملة ودفع التعويضات عن كل الأضرار. ويعزز هذا القرار الأساس القانوني للعقوبات ويفرض ضرورة الالتزام الدولي بإنهاء الاحتلال.
ويشكل قرار محكمة العدل الدولية انتصاراً كبيراً لشعبنا وأصدقائنا ومناصري الحرية والعدالة حول العالم وضربة كبيرة لإسرائيل ومن يقف في حلفها، تلك القوى المتنوعة من الأصدقاء التي أدانت إسرائيل وتدين احتلالها وسياساتها الاستيطانية ونظام الفصل العنصري الذي تمارسه.
وتقضي المحكمة بانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، وتفكيك المستوطنات وتعويض الفلسطينيين، واحترام حقهم في تقرير المصير.
وتوفر أحكام محكمة العدل الدولية أساساَ قانونياَ متيناَ لفرض العقوبات والمقاطعة ضد إسرائيل بسبب انتهاكاتها للقانون الدولي، بما يتطلب منا اليوم وقبل الغد توسيع شبكة التضامن الدولي الشعبي مع قضية شعبنا ومناصرة لقرار محكمة العدل الدولية، والبحث في الآليات اللازمة مع الأصدقاء حول العالم وأحزابهم وحركاتهم بكيفية وضع أشكال الضغط على الحكومات من أجل تنفيذ جوهر نصوص هذا القرار.
ومن جهة أخرى أعتقد بأن الوقت قد حان إن لم يكن قد حان منذ زمن بإنهاء كل أشكال الانقسام والتشظي الداخلي الفلسطيني وإحالة متابعة وقف عدوان الإبادة والتفاصيل المتعلقة منه بالمفاوضات الجارية عبر الوسطاء لمنظمة التحرير لمكانتها السياسية والدولية التمثيلية، وعلى قاعدة الوحدة لكافة مكونات شعبنا السياسية والاجتماعية سنداً لوحدة الأرض والشعب والقضية الفلسطينية التي لا تقبل القسمة. ومن جانب آخر وبموازاة هذا المسار المهم من توحيد الأطر والسياسات والقرارات المتعلقة بحاضر ومستقبل شعبنا، قيام منظمة التحرير الفلسطينية باتخاذ ما يلزم من اجراءات لترجمة هذا القرار وبالمقدمة منها إعلان دولة فلسطين تحت الاحتلال واستكمال الكفاح الدبلوماسي وفقاً للقرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وآخرها بتاريخ أيّار الماضي نحو استكمال العضوية الكاملة لدولة فلسطين.
فقيمة هذا القرار الفعلية تتمثل في مدى قدرتنا نحن الفلسطينيين أولاً على استثماره لا الوقوف عند حدود التغني به. وهذا يتطلب من ضمن ما يتطلبه أن تبادر منظمة التحرير لدعوة خبراء سياسيين وقانونيين ودبلوماسيين فلسطينيين وعرب وأجانب لمؤتمر أو لقاء دولي يناقش سبل تفعيل رأي المحكمة بشكل عاجل، ومن أجل تنفيذ كافة الاستحقاقات المترتبة على ذلك القرار أو الرأي من جانبا دون تكرار لتجربة صدور الرأي الاستشاري حول جدار الفصل العنصري عام 2004 الذي لم يحظى بالمتابعة التي تستحق من طرفنا حين رفضته دولة الاحتلال واعتبرته غير ملزماً.