رغم التوقعات العالية لتحقيق اتفاق، فان المفاوضات مع حماس، من خلال الوسطاء، تدخل الى دوامة او للدقة الى خلافات في الرأي، فيما ان كل طرف يتمترس في مواقفه ويترك الدول التي تساعدنا – الولايات المتحدة، قطر ومصر تواصل محاولاتها صد الاعتراضات والتعديلات في كل واحدة من مسودات بنود الاتفاق المقترح.
نقف بعد اكثر من تسعة اشهر أمام مواقف عسكرية تثبت الحاجة لأن نسيطر في محور فيلادلفيا ومحور نتساريم. في محور فيلادلفيا الهدف هو منع عبور خلايا حماس من مصر الى غزة برعاية جهات مشاركة من الجانب المصري، وبالمقابل الرقابة ومنع عبور أناس وزعماء حماس الى الجانب المصري. أما محور نتساريم فيسمح لقوات الجيش الإسرائيلي بالخروج منه إلى أعمال لتصفية مخربين. هذا محور حرج الذي الى جانب الهجوم الذي تنفذه إسرائيل منه على معاقل سيطرة حماس المتبقية، فانه يساعد في القبض على مخربين في مخيمات النصيرات وحي الشجاعية. اذا لم تسيطر إسرائيل على هذه المناطق، فالمعنى هو ان حماس سترسل خلايا مخربين تهاجم جنود الجيش الإسرائيلي. وعليه فرغم الشعارات التي تنطلق من جانب حماس للعودة الى مسيرة المفاوضات، واضح ان هزيمة حماس وحدها ستسمح أيضا في المراحل المبكرة بالسيطرة على المحاور الاستراتيجية وتلقي المزيد من المعلومات عن مكان تواجد المخطوفين.
يجب الإيضاح بشكل لا لبس فيه بأن الضغط العسكري المكثف وحده سيدفع حماس ومنظمات الإرهاب الأخرى لأن تفهم بأن هدفنا هو تصفية خلايا الإرهاب. لكن مع ذلك واضح ان الفكرة المسيحانية، الدينية، من خلف منظمة الإرهاب، ستواصل الوجود. وبالتالي فان كل محاولة لوقف القتال دون تحقيق تسوية محكوم عليها مسبقاً بالفشل. ان احتجاز 120 مخطوفاً هو السلاح الأساسي الذي لدى منظمة الإرهاب في محاولة لمنع سيطرة إسرائيل على نقاط استراتيجية في شمال القطاع وجنوبه. عملياً، أثبتت حماس بان الزمن هو عنصر يفترض ان يخلق ضغطاً إسرائيلياً داخلياً، سواء من جانب عائلات المخطوفين أم من جانب الجمهور الإسرائيلي جزئياً لتجميد الحرب، وبذلك السماح لها بتحقيق تفوق استراتيجي مهم بل وانتصار تكتيكي ستكون نتائجه محملة بالكارثة. لا يمكننا ان نسمح لأنفسنا، رغم رغبتنا الشديدة في تحرير المخطوفين باتفاق مؤقت، السماح لحماس بالسيطرة على الجدول الزمني.
على إسرائيل أن تمتنع عن تكرار الأخطاء التي ارتكبت في الماضي، وعليه فانه حتى تحقيق تسوية سياسية وبعدها أيضا، على إسرائيل ان تصر على موقفها في ان يبقى هذان المحوران الإستراتيجيان تحت سيطرة عسكرية إسرائيلية، خمس حتى عشر سنوات على الأقل.
كلنا نتمنى تحرير المخطوفين ونعانق العائلات التي تنتظر اعزاءها، لكن أمراً واحداً واضح: خطوات إسرائيل، سواء في المستوى الأمني ام في المستوى السياسي تفترض السيطرة العسكرية في هذه المناطق الحساسة.
عن "معاريف"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مستشار إستراتيجي