نحن من المقتنعين بأنه يجب أن تكون السياسة العربية مستقلة وبعيدة عن تأثيرات القوى الإقليمية، لكن يبدو أن ذلك مستحيل فهذه القوى عمليا، جزء من المنطقة متداخلة جدا معنا، وأصبح لإيران أبعاد مهمة فى القضية الفلسطينية.
إيران أصبحت بوجودها فى تلك الدول العربية وتأثيرها في سياسة المتوسط والبحر الأحمر سيكون كبيرا جدا، لذلك حبست منطقة الشرق الأوسط أنفاسها، وهى تتابع الانتخابات الإيرانية التى جرت أخيرا، عقب سقوط طائرة الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى، وزير الخارجية، وطاقم الرئيس على حدود أذربيجان وهم يفتحون سدا للمياة لتحقيق التكامل بين إيران ودول القوقاز.
جرت الانتخابات بين جليلى والإصلاحي بزشكيان، وزير صحة الرئيس السابق خاتمي، وصمد اليمين المتشدد في إيران حتى معركة الإعادة.
كل المراقبين تصوروا أن المتشددين سيكونون فى سلة واحدة وينتخبون مرشحهم جليلى.
الكل توقع فوز جليلى وسقوط المرشح الإصلاحي شكيان، الذى سبق أن تقدم للترشح عام 2022، ورفض ترشحه، ها هو يتقدم فى انتخابات 2024، بل ويفوز.
الإيرانيون انتخبوا رئيسا للتغيير بموافقة المرشد الإيراني علي خامئنى، والمحافظون فى إيران يتنافسون وتتهيأ الفرصة لهذا الانتخاب التاريخى، وظهوره رئيسا لأول مرة في إيران، فهو لم ينتم للحوزة مثل الرئيسين الإصلاحيين، خاتمى وروحانى، وهو رئيس مدنى، فهو رئيس مختلف جدا.
برغم أن محمد خاتمى وحسن روحانى الإصلاحيين لم يغيرا شيئا فى إيران، لكننى مقتنع بأن بزشكيان مختلف، وسيكون قادرا على التغيير فى إيران. بل إن الحوزة سوف تساعده، وعلينا نحن العرب بمختلف توجهاتنا مساعدة إيران الجديدة، وأن نمسك بظهور هذا الرئيس الجديد ونتعاون معه، لوقف الحروب في منطقتنا.
إيران الآن راغبة فى الانفتاح على العالم، والنمو الاقتصادى وتحقيق مستوى معيشة جديد للإيرانيين، يبحثون عن استثمارات أجنبية وعربية، وعلينا مساعدتهم فى هذه التوجهات، فهم جزء من المنطقة التى نعيش فيها.
علينا أن ننظر بموضوعية إلى ما يمثله بزشكيان، إنه يريد سياسة داخلية متوازنة، تأخذ بالتنوع الفكرى والثقافى داخل المجتمع الإيرانى.
المجتمعات لا تتغير بالريموت كنترول، لكن المجتمعات القديمة تتغير من داخلها، وإيران خطت خطوة جبارة نحو هذا التغيير، يعرف معنى السلام والتفاوض، فهو نافذة أمل للشعب الإيرانى ولمنطقة الشرق الأوسط كلها، لكنه يحتاج لمن يفهم ذلك ويمد له يد المساعدة، ويجب أن تكون هذه اليد عربية واعية لمستقبل منطقتنا العربية، بعيدا عن الحروب والتطرف والإرهاب.
عن الأهرام