تأخرت إسرائيل حتى الآن وربما ترددت في احتيار حجم الرد على مقتلة الأطفال في مجدل شمس، وتفسير تأخرها راجع إلى صعوبة اختيار الهدف أو الأهداف التي تشفي غليل الانتقام، وتحدث خسائر فادحة توصف بغير المسبوقة في حزب الله، ولا تؤدي إلى تدحرج الأمور لتتطور إلى حرب إقليمية شاملة.
حتى الآن لا تظهر إسرائيل رغبةً في هذا المستوى من الحرب، مع أنها تتحدث عنه كثيراً، بل إنها حاولت أكثر من مرة إشعالها بالفعل، ولم تكن عملية القنصلية الإيرانية في دمشق بمعزل عن هذا التوجه.
كلمة السر في احتمالات الحرب الشاملة هي الموقف الأمريكي منها، ونظراً لإدراك نتنياهو لذلك فهو يفكر ويخطط ويعمل لجر الأمريكيين إلى حرب على هذا المستوى، فهو الأعرف من غيره أنه بدون أمريكا لا قبل له بحسم أي حرب صغيرة كانت أم كبيرة، محدودة أم شاملة، ذلك ظهر جلياً في أشهر الحرب العشرة على غزة، وأشهر الردع غير الفعّال على الجبهة الشمالية.
لقد ثبت لنتنياهو بفعل حربه على هذه الجبهات المتعددة أن لا أمل له في كسب أي منها إن لم يكن العبء الأكبر في عملياتها ومهامها واقع على عاتق الأمريكيين.
الأمريكيون من جانبهم لا يريدون فعلاً حرباً على هذا المستوى، غير أنهم وهذا ثابت بالفعل، لا يعملون بما يكفي لمنع نتنياهو وجنرالاته من إقحامهم فيما لا يرغبون، بمنطق التوريط كما جرت المحاولة في عملية القنصلية الإيرانية وليس بمنطق الاتفاق والإقناع.
الأمريكيون لا يملكون القدرة الكافية على لجم نتنياهو وتطلعاته، ما دام الكونغرس كمؤسسة قرار رئيس في واشنطن يتبناه كيفما كان وأينما اتجه.