رغم أن كل التقارير التي صدرت مؤخراً عن لجان التحقيق الداخلية التي شكلتها أجهزة الأمن الإسرائيلية تؤكد على تلقي القيادة السياسية تقارير ذات مصداقية عالية حول نية حماس مهاجمة غلاف غزة قبل عام كما ورد في صحيفة نيويورك تايمز حول وثيقة من أربعين صفحة (سُميت جدار أريحا) تتحدث عن مخطط حماس للهجوم العنيف الذي شنته في السابع من أكتوبرمن خلال تفصيل دقيق وملفت للنظرحول مخطط مهاجمة غلاف غزة لكن الوثيقة المترجمة التي اطلعت عليها صحيفة نيويورك تايمزلم تحدد موعداً للهجوم.
الوثيقة وصفت هجوماً منهجياً يهدف إلى التغلب على التحصينات حول قطاع غزة، والاستيلاء على المدن الإسرائيلية واقتحام القواعد العسكرية الرئيسية، بما في ذلك مقر فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي بنية تحقيق عدة أهداف بعضها مخفي وبعضها معلن مثل الأسرى، الأقصى وإفشال خطة إيغورا آيلاند القاضية بتفريغ قطاع غزة عبر تهجير السكان إلى سيناء من أجل إنجاز المشروع الصهيوني القاضي بفتح قناة بن غوريون والسيطرة على شمال القطاع لما فيه من مخزون هائل من الغاز والنفط إضافة إلى تأهيل طرق التجارة العالمية الجديدة والتي أُقرت ملامحها النهائية في مؤتمر العشرين في الهند الذي أنهى أعماله قبل أسبوعين من هجوم المقاومة على الغلاف وبالتالي اصطياد عصافير عدة بنفس الطلقة.
إن تفعيل بروتوكول هنيبال من اليوم الأول للعدوان يعني بالضرورة أن المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس ليسوا أولوية لدى القيادة السياسية الإسرائيلية وأن الحكومة تنوي الإبقاء عليهم كذريعة لمواصلة الحرب فبالرغم من احتجاج عشرات الآلاف إن لم نقل مئات الآلاف من ذوي المحتجزين وأنصارهم إلا أن حكومة إسرائيل كانت تصر على أن الضغط العسكري أكثر جدوى وهم يعرفون أن القضاء على مقاتلي حماس يعني القضاء على من يسمونهم الرهائن.
إن نية الحكومة الإسرائيلية الإبقاء على الرهائن كورقة رابحة ومن منطلق متلازمة النكث بالعهود التي تميز بها الكيان الصهيوني منذ نشأته فقد كان بإمكان نتنياهو الاستمرار في الهدن التي اتفق عليها يوم 22/11/2023 سواءً كانت قصيرة أم طويلة حتى استعادة كل المواطنين الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة.
كما كان بإمكان نتنياهو الالتزام بما صدر عن محكمة العدل الدولية من إجراءات احترازية لكي يتمكن من تغيير صورته أمام المجتمع الدولي وليتمكن من استعادة الكل وبعد ذلك يعود نتنياهو وحكومة اليمين إلى طبيعتهم ومواصلة العدوان على غزة وهذا يشكل دليلاً آخر على أن (الرهائن) ليسوا أولوية لنتنياهو ولا لحكومته المتطرفة.
في الختام فإن افتعال حادثة مجدل شمس واستخدامها كذريعة لمهاجمة الضاحية وبنفس الليلة اغتيال هنية في عاصمة ما يسمى محور المقاومة وما سينتج عنه من أعمال وردّات فعل تُعقد أكثر موضوع استعادة (المختطفين) حيث أن إسرائيل تسعى إلى إطالة أمد العدوان دون أن يتحول إلى حرب إقليمية مما يمكن اليمين الإسرائيلي المتطرف من البقاء في الحكم إلى حين انتهاء الانتخابات الأمريكية فربما مع الرئيس الجديد بغض النظر من هو تستطيع إسرائيل توريط أمريكا في حرب مباشرةً مع قوى إقليمية مما سيسهم حسب رؤية نتنياهو في إطالة عمر الدولة إلى مئة عام كما تمنى خلال خطابه في الذكرى الخامسة والسبعين لإنشاء الكيان. وهنا يتبادر إلى الإذهان السؤال التالي، لمن ستكون الغلبة؟ هل لتمنيات (عطية الرب) نتنياهو أم ستتفوق لعنة العقد الثامن ويتسارع الانهيار الذي بدأ بطيئاً منذ سنوات؟