نتنياهو يواصل خلط الأوراق

 

 

لم ييأس نتنياهو من احتمالات جرّ الولايات المتحدة وراءه فيما هو أشد خطورة من الحرب على غزة وجنوب لبنان، ذلك أن هدفه الإستراتيجي الأول.. يظل دمج أمريكا والناتو في تطوير حربه على إيران.

في مرحلة الإمتناع الأمريكي عن التورط في أجندته، واصل الاحتكاك المباشر بإيران من داخلها ومن حولها، إذا اغتال من اغتال من خبرائها النوويين، وقتل من قتل من كبار ضباطها والرؤوس العسكرية لأذرعتها، كان ذلك مسموحاً به أمريكيا ما دامت العمليات تجري في هذا النطاق ولا تتعداه كأن تصل إلى الضرب المباشر للمنشآت النووية الإيرانية، وبفعل عدم النجاح في ذلك إن لم يحصل على الضوء الأخضر الأمريكي أولاً، والذخائر اللازمة لإنجاز المهمة، أو حتى دخول أمريكا في عمل مباشر إما معه أو نيابة عنه.

طوّر نتنياهو أجندته على ضوء تطورات الحرب على غزة وجنوب لبنان، وحين تعثرت الحرب على الجبهتين لم يتحقق نصره المطلق باستسلام حماس كما طالب غالانت، وإرجاع حزب الله إلى ما وراء الليطاني، أدخل إيران بصورة مباشرة على المهداف، بدأ بتدمير القنصلية في دمشق، وحين غُلب على أمره بالاحتواء الذي تم، عبر تفاهم إيراني أمريكي على حجم الرد وكيفيته، صعّد من خططه بضرب إيران في مجمع أعصابها ورمز هيبتها – طهران – وقتل إسماعيل هنية في يوم إيراني مشهود هو تنصيب الرئيس الجديد "الإصلاحي" في أضخم وأوسع احتفال شارك فيه العديد من دول العالم.

وبتزامن مدروس قُتل فؤاد شكر الرجل الأول في البنية العسكرية للذراع الإيراني في لبنان.

حتى الآن، يمكن اعتبار نتنياهو نجح في عملية خلط الأوراق على نحو جعل العالم يحبس أنفاسه خوفاً من اندلاع حرب إقليمية تشارك فيها العديد من الدول.

غير أن نجاحه في خلط الأوراق لا يعني نجاحه في بلوغ ما يسميه بنصره المطلق، فالأمر لم يعد غزة وجنوب لبنان بل اشتعالاً لا تملك إسرائيل ما يضمن نجاتها منه.

لقد نجح نتنياهو في ادخال المنطقة والعالم في مرحلة الرد والرد على الرد، وهذا النوع من الحروب مهما بدا محدوداً إلا أن فقدان السيطرة عليه يظل وارداً وينذر بالخطر.

 

 

Loading...