مقالات مختارة

نتنياهو اختار البقاء على الشجرة | ناحوم برنياع

 

 

قبل يومين وقفت أمام سياج ملعب كرة القدم في مجدل شمس، أمام صور الأطفال، الذين تناثرت أشلاؤهم على السياج، أمام بقايا الدراجات المحطمة، أمام تيار المعزين الصامت والهادئ من الإسرائيليين من كل الطوائف والمعتقدات. في المكان الذي قضى نحبهم فيه 12 طفلاً لا معنى للكلام. 
في قيادة جهاز الأمن كان هناك من رأى في الفظاعة فرصة. هذا يبدو انتهازياً وبارداً، لكنه في نظري مشروع تماماً. فالخوف من فقدان الشرعية يرافق الدولة من بدايتها. والطريق للتغلب على الخوف هو العمل في الوقت المناسب، حين يكون العالم يقبل ويفهم. موت فؤاد شكر في بيروت وإسماعيل هنية في طهران، المنسوب لإسرائيل، لا يواسي موت طفل واحد في مجدل شمس. لكن الكارثة فتحت نافذة وهذه المرة، لغرض التغيير، الاستخبارات كانت دقيقة، وسلاح الجو أجاد التنفيذ والجيش الإسرائيلي أثبت مرة أخرى أنه يمكنه أن يكون جدياً جداً في عملية مبادرة وسيئاً جداً في الأمن الجاري المعتاد. وأحياناً كثيراً يكون هؤلاء هم الأشخاص أنفسهم، القادة أنفسهم، العقلية نفسها. 
لكن الحرب ليست لعبة. فمع كل الاحترام للتنفيذ، فإن الاختبار الحقيقي هو في النتائج. لقد لعب شكر دوراً أساسياً للذراع العسكرية لـ"حزب الله". موته يهز سلسلة القيادة في المنظمة ويفرض تعديلات شخصية في حوارها مع إيران. غيابه يفرض تحديات على نصر الله وعلى الإيرانيين. فتصفية سليماني (ترامب) ومغنية (منسوبة لإسرائيل في عهد أولمرت) فتحت حفرة في القيادة العسكرية في طهران وفي بيروت. تصفية أمين عام "حزب الله" موسوي (شامير) شقت الطريق لصعود نصر الله، أكثر منه كفاءة ونجاحاً. يوجد وجه إلى هنا وإلى هناك.
في الهوامش كان هناك دافع واحد آخر، عزف على عصب حساس. ضباط وجنود دروز في الجيش تابعوا بتوتر عظيم القرار. رأوا كيف ردت إسرائيل على مُسيّرة حوثية قتلت مواطناً في تل أبيب. إذا كان هذا هو المعيار، فكيف سترد إسرائيل على موت أطفال دروز في الجولان. 
أدى هنية دوراً تمثيلياً في الذراع السياسية لـ"حماس". هو كان رمزاً. وإذا كان ممكناً المقايسة مع مستوانا السياسي فقد كان "هرتسوغ" أكثر مما هو غالانت. العالم لن يخسر شيئاً من انتهاء حياته السياسية. التداعيات على صفقة المخطوفين متعلقة بأعضاء قيادة "حماس" المتبقين. التصفية حررتهم مؤقتاً من ضغط الوسطاء. من ناحيتهم أيضاً هذه كارثة تفتح فرصة.
أملت في أن يستغل نتنياهو التصفيات كي ينزل عن الشجرة التي تسلق إليها في المفاوضات على الصفقة. في بيروت وفي طهران حصل على النصر الذي تمناه جداً. كان يمكنه أن يقتبس تشرتشل الزعيم الذي يعجب به والذي قال في إحدى جمله الشهيرة: "في الحرب تصميم؛ في الهزيمة مقاومة؛ في النصر سخاء".
ليس سخاء تجاه "حماس" – بل سخاء تجاه المخطوفين الذين تركوا لمصيرهم في ورديته. في الجيش رأوا في التصفيات في بيروت وفي طهران رافعة للمستقبل: نعقد صفقة في الجنوب، نعقد صفقة أو ننقل قوات لتغيير الواقع في الشمال، أخيراً يكون فصل بين غزة ولبنان، وعندها يشق الطريق للتحالف الأكبر ضد إيران. 
لكن نتنياهو، لاعتبارات معروفة، اختبار البقاء على الشجرة. الشروط التي أضافها إلى مقترحه الأصلي بقيت على حالها.
والزمن يضيق. هو يضيق ليس فقط بسبب الحياة التي تنفد للمخطوفين والمخطوفات. هو يضيق أيضاً لأن إيران و"حزب الله" والحوثيين سيردون، معاً أو كل على حدة، في غضون أيام. الرد كفيل بأن يجر رداً إسرائيلياً مضاداً يجر تصعيداً إضافياً، حتى حرب لا يريدها أي طرف. عندما تطلق الصواريخ الصفقات تصمت. 
لقد وعد الإيرانيون برد قاس وأليم. بشكل عام هم يفون بوعودهم. ليس مؤكداً أن الأميركيين سينجحون هذه المرة في أن ينظموا لنا الائتلاف إياه؛ ليس مؤكداً أن تكون النتائج مشابهة. الإيرانيون يستخلصون الدروس من إخفاقاتهم.
في الليلة بين 13 و14 نيسان أطلقت إيران إلى إسرائيل 130 صاروخاً باليستياً، 36 صاروخاً جوالاً و 130 مُسيّرة. هذا هو الأساس للبحث. إذا كانت إيران تريد أن تثير الانطباع لدى العالم، فإنها ملزمة بأن تطلق أكثر وتصيب أكثر.
أنا أصغر من أن أوصي الإيرانيين ما الذي يفعلونه بصواريخهم. لكني تذكرت أنه في الحدث في نيسان لحق ضرر طفيف بمبنى في قاعدة سلاح الجو "نباطيم". يتبين أن الإيرانيين يعرفون العنوان. إذا كانوا يريدون أن يضربوا إسرائيل دون أن ينجروا إلى حرب، فإنهم يمكنهم أن يواجهوا صاروخاً واحداً إلى طائرة واحدة غير مأهولة، مركونة في هذه القاعدة. وهم سيحصلون على ضربة برمز رسمي، غال للدولة وغال للجمهور. بكلمتين: جناح صهيون. ضربة خفيفة في الجناح، وفي طهران يمكنهم أن يحتفلوا بالنصر. أنا مقتنع بأن الإسرائيليين رغم الإهانة، سيجدون الطريق للتجلّد. 

عن "يديعوت أحرونوت"

 

 

Loading...