إيران تواصل التهديد بأعلى النبرات، بتنفيذ ردٍ قويٍ ومفاجئ، وكثيراً ما تستخدم مصطلح غير مسبوق، وما يصدر عن إيران من تهديدات مفهوم جيداً في سياق تطورات الأحداث الميدانية، التي بلغت ذروتها حتى الآن بالضربة الثلاثية التي جسّدت التحدي المعنوي والحربي الأفدح.. اغتيال رئيس حماس، وانتهاك حرمة طهران، واغتيالٌ في قلب معقل حزب الله في بيروت، وفي الرأس أيضاً.
منذ تلك الساعات الرهيبة، وتبدو كما لو أنها ساعة واحدة، والعالم كله منشغل في توقعات تثير الرعب، مشفوعة بترتيبات ميدانية، تشير إلى أن حرباً إقليميةً على وشك أن تندلع، لتجر العالم إلى أوسع من نصف حرب كونية، فتتحد فيها الجبهتان الكبريان الخطرتان الأوروبية والشرق أوسطية، وخلفهما القوة الاستراتيجية الأولى في العالم – حتى الآن – أمريكا وحلفائها الدوليين والإقليميين.
ما يظهر على السطح ولا أسرار خافية فيه، هو السباق المحموم بين الجهود الدولية ومركزها واشنطن، الهادفة إلى منع اتساع الحرب وتطورها من خلال الاحتواء المسبق لاشتعالاتها. وبين الترتيبات التي عنوانها الأبرز تنشيط التحالف العسكري القائم أصلاً ونواته أمريكا وبريطانيا وفرنسا، وها هو الجنرال كوريلا يعمل على تنظيم الجانب العسكري منه على أرض الميدان وفق مبدأ التهديد بالردع.. أكثر جدوى من ممارسته بالفعل!
حتى الآن.. نسمع جعجعة تنطلق من كل مكان في الشرق الأوسط والعالم، ولكن الطحن الحقيقي ما يزال يتركز في غزة، فالمذابح اليومية تجري بلا هوادة، والتهديد بمضاعفتها حاضراً ومستقبلاً هو الذي يحدث فعلاً على الأرض، فغزة ما تزال نقطة التقاطع الناري الأشد فداحة، سواءً تطورت الحرب إلى أن تصبح إقليمية أو دولية، أو بقيت داخل حدودها المسيطر عليها.
هذا هو الواقع غير أن المؤسف والمُتَغافل عنه عمداً وعن سبق الإصرار هو المفاعل النشط والدائم لإنتاج الحروب في الشرق الأوسط "إسرائيل" والجاهزية الأمريكية والأطلسية الدائمة للإنجرار ورائها في كل ما تفعل.