مقالات مختارة

ما يخشاه نصر الله | شاحر كلايمن

 

 

"نرد بحذر. الانتظار من الجانب الإسرائيلي هو جزء من العقاب ومن المعركة"، هكذا قال أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله، في خطابه من الوكر. بعد أسبوع من تصفية فؤاد شكر يده اليمنى، رئيس منظمة الإرهاب ادعى بأن التأخير هو جزء من معركة نفسية ضد إسرائيل. وهدد بأن الردود ستأتي من ايران، من اليمن ومن لبنان ودعم "حماس" لن يتوقف. وعلى حد نهجه فإن الخطر المركزي هو نصر إسرائيلي في غزة يدفن "القضية الفلسطينية" و"يعرض كل المنطقة للخطر".
تخوف مشابه يفهم لدى محرر صحيفة "الأخبار" اللبنانية، إبراهيم الأمين. الصحافي المقرب جدا من "حزب الله"، كتب في مقال له يقول، إن المحور المؤيد لإيران على وعي من أن دوره في هذه المرحلة هو "خدمة غزة". وعلى حد قوله فإن ضغط "الجبهات في الشرق الأوسط يستهدف تعقيد الحرب الإسرائيلية"، الدفع إلى وقف نار تام – وهكذا منع انهيار منظمات الإرهاب هناك.
ألمح الأمين بالهدف المفضل. أشار إلى أن "حزب الله" يمكنه أن يختار أهدافا في تل أبيب ويمس بالمدنيين في زمن الهجوم. بزعمه، الفاعلية ستكون لضرب أهداف مركزية لجسم اتخذ القرار بتصفية فؤاد شكر. كان هناك من قدروا أن المقصود هو "كريا" الجيش الإسرائيلي في تل أبيب. إلى جانب ذلك، كتب مقرب نصر الله إن تأثير ما يجري في غزة وخوف الجمهور اللبناني من الحرب يؤخذان هما أيضا بالحسبان.
يوجد لـ"حزب الله" سبب وجيه للتخوف من نصر إسرائيلي في غزة. فصحيفة "الشرق الأوسط" السعودية كشفت النقاب عن مصادرها عن انه كلما استمرت الحرب في القطاع، ينجح الجيش الإسرائيلي في وضع يده على مزيد فمزيد من القيادات في "حماس". السببان المركزيان اللذان طرحا في المقال هما التقدم في تدمير الأنفاق واعتقال الغزيين الذين يقدمون معلومات استخبارية باهظة القيمة.
يضع تداخل هذين العنصرين مصاعب أمام مسؤولي "حماس" للاختباء. في كل مرة يدمر فيها نفق ما، يفقد نفق آخر الأكسجين أو يقطع خط الاتصال به. في كل مرة تأتي معلومات من معتقل، تنكشف شقة اختباء من على وجه الأرض. ولهذا فإن مسؤولي وقادة المنظمة ينكشفون الواحد تلو الآخر ويلقون حتفهم.
تخوف آخر عبر عنه نصر الله هو من التحالف الإقليمي الذي ينسج بين إسرائيل والدول العربية. وقد حاول الادعاء بأن نصرا في غزة سيعرض للخطر أيضا الأردن ومصر، وان العلاقات مع إسرائيل لا يوجد لها أي تأثير على القضية الفلسطينية. وبزعمه، فإن الحلف الدفاعي حيال ايران، والذي ظهر في أيلول الماضي هو بالذات دليل على ضعف. من المشكوك أن يكون صدق نفسه.
قبيل نهاية خطابه، حاول أمين عام "حزب الله" وضع معادلة رعب بين إسرائيل ولبنان. فقد تباهى بأنه لأول مرة يترك الإسرائيليون أيضا بيوتهم في أثناء الحرب مثلما يتركها اللبنانيون وان شركات الطيران تلغي رحلاتها إلى مطار بن غوريون وليس فقط مطار الحريري. من تحت هذه المعادلة يعشعش خوف من حرب شاملة، ستثبت على ما يبدو أن ميزان القوى مختلف جوهريا.
هذا لا يعني بالطبع أن نصر الله مردوع. فتصعيد هجماته بما فيها استخدام مُسيرات من نوع جديد يشهد على أنه مستعد لأن يأخذ مخاطر اكبر. وعلى الرغم من ذلك تقترب اللحظة التي يقع الخطأ فيها في منظومة حساباته. بدون يده اليمنى، الذي كان على حد شهادته "عقلا استراتيجيا" فإن هذا الخطأ اقرب من أي وقت مضى.

 

عن "إسرائيل اليوم"

 

 

Loading...