مقالات مختارة

لسنا أبرياء من خطايا نتنياهو | يوسي كلاين

 

 

"لقد كنت مكتئباً لثلاثة أسابيع... حزني كان أكبر مما اعتقدت أنني سأشعر به. عار متزايد والجميع يصمتون ويستسلمون، لا سيما الجالية اليهودية ووسائل اعلامها"، هكذا كتب فيكتور كليمبرر في مذكراته (ترجمة تالي كونيس). 21 سنة مرت منذ ذلك الحين، ولدي نفس الشعور. لم أكن في أي يوم عاجزاً بهذا الشكل امام حكومتي. ولم تكن قدرتي على التأثير عليها في أي يوم ضئيلة بهذا القدر. جميع ادوات تأثير المواطن على حكومته انهارت. لا توجد انتخابات، لا توجد معارضة ولا توجد وسائل إعلام.
نتنياهو فعل ما خطر بباله، ونحن نشاهد ونصمت.
لقد استمر في الحرب رغم أن الجمهور لا يريدها. هو يعارض صفقة تبادل المخطوفين رغم أن الجمهور يريدها. هو يرفض إجراء الانتخابات رغم أن الجمهور يريدها. "الفجوة في رؤية الواقع، الواقع في أوساط أجزاء في الجمهور ومعظم الأعضاء في الحكومة، هي فجوة كبيرة وخطيرة"، كتب النائب السابق لرئيس هيئة الأمن القومي، عيران عتصيون. هكذا فان المحللين في الاستوديوهات في حالة نشوة، والجمهور يقوم بتوزيع الحلوى، وجدعون ساعر، بانفعال صبياني، اقترح حرباً عالمية ثالثة.
كيف يمكن سد الفجوة بين ارادة الديكتاتور وارادة الجمهور؟ السيطرة على الشرطة، احتلال المحكمة وشراء وسائل الاعلام. امام ناظرينا يقومون باعداد بنية تحتية للديكتاتورية. ولكننا لا نلاحظ ذلك، نتجاهل، ونعيش في وهم بأنه ليس مصالح نتنياهو الشخصية هي التي تحركه بل شيء آخر، دافع له أهمية، الايديولوجيا، القلق على الشعب؟. اتركوا ذلك. دافع المتحايل هو أولا وقبل أي شيء آخر التحايل. لا يوجد أي فرق بين دوافع مجرم عادي ودوافعه كرئيس للحكومة. توجد لنتنياهو كل الصفات التي تفرق بين الشخص العادي والمجرم: الجشع، الوحشية، الاعتقاد بأنه أذكى من الجميع.
ما الذي لا يوجد لديه؟ الالتزام الأخلاقي.
الطبيعة والسلوك تملي ساحة العمل. في ظروف مختلفة كان نتنياهو سيكون مجرماً صغيراً يقوم ببيع المسنين تذاكر الى القمر. كرئيس حكومة هو يقوم بتسويق الحرب كأمر محتم ويعد بالنصر المطلق. ما الذي يريده في المقابل؟ امور صغيرة مثل المزيد من الاجنحة في الفنادق، الخادمين والاستمتاع. هو مستعد لدفع أي ثمن من اجل الحفاظ على ملذات الحكم، شريطة أن ندفع نحن هذا الثمن. رؤية المستقبل لديه هي صفر تقريبا. فهو يقتل "شخصية رفيعة" اليوم ولا يفكر بالتداعيات في الغد. الأسوأ من ذلك هو أنه ربما بالذات يفكر وبحق بالتداعيات ولكن ذلك لا يهمه. كل من يقوم بقتله باسمنا يكون على حسابنا.
نحن نصمت لأننا الأكثر غباء في العالم.
نحن في مرحلة التجميد التي تنمو فيها الديكتاتورية: نمد الأيدي على الجانبين ونقول هكذا هي الحال في الديمقراطية، ولا يوجد لدينا ما نفعله. نحن نتوقع حدوث شيء جيد دون أن نضطر الى التحرك. اهود باراك دعا الى عصيان مدني غير عنيف. عصيان مدني؟ عندنا؟ هذا لن يحدث. عصيان مدني لم يحدث أيضا في المانيا في العام 1933. نحن نحارب المرض الخبيث بالأكامول. "ألا يوجد شخص في يهودا، أو يوجد شخص في كل الاجهزة، شخص قوي يحكم بالقوة ويمسك بكم ويوقظكم بالقوة"، تساءل بياليك. ألا يوجد من يوقظنا؟ (من؟ غانتس). نحن نوجد الآن في مرحلة الحيونة التي توقعها يشعياهو لايفوفيتش في الطريق الى الدمار المطلق الذي توقعه ايضا.
عصيان مدني لن يكون. ولكن قمع وخوف مثل الذي شعر به كلمبرر سيكون عندنا. سيكون ايضا رثاء مريرا على مصيرنا دون بذل أي جهد لتغييره. أين الاقلية التي هي في الحقيقة أصغر من أن تستطيع اسقاط حكومة، لكنها كبيرة بما فيه الكفاية لصدها. "شاهدتكم ثانية بقصر أيديكم وكان قلبي على وشك البكاء/ كيف لم تعد لديكم القدرة على الخلاص؟"، تساءل بياليك.
أيضاً ايدينا ملطخة بدماء المخطوفين: بالصمت والتجاهل وتوجيه النظر الى الجانب الثاني والخضوع لقواعد الديمقراطية التي تحتقرها حكومة نتنياهو. نحن نعزي انفسنا بأن هذا لن يحدث لنا. لن يبلغونا بأنه يجب علينا الإخلاء خلال 12 ساعة، وإلا ستسقط علينا الصواريخ. شارع أيالون لن تغلقه قوافل سيارات اللاجئين التي توجد فوقها الفرشات. هذا لن يحدث هنا، مثلما أن 7 تشرين الأول لم يحدث.

عن "هآرتس"

 

 

Loading...