مجزرة الفجر في غزة والإدانات العربية

 

 

ارتكبت إسرائيل مجزرة مروعة فجر السبت العاشر من آب /أغسطس الجاري في مدرسة التابعين بحي الدرج وسط مدينة غزة، وسقط إثرها (100) شهيد جلهم من الأطفال والنساء، وتوالت الإدانات من الدول العربية، التي كانت غائبة عن القيام بفعل حقيقي لوقف المجازر وعمليات الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني منذ بداية تشرين الأول /أكتوبر المنصرم. وبطبيعة الحال فلسطين جزء من الوطن العربي كما تعلمنا في حصص الجغرافيا والتاريخ ومادة القومية العربية أيضاً.

مجرد جنرالات ونياشين

 بعيداً عن تطور المؤسسة العسكرية في الدول العربية، من حيث العدد والعدة والتسليح والإستراتيجية العسكرية المتبعة، يبرز سؤال جوهري حول مستقبل تلك المؤسسة بعد التجربة التي مرت بها ثورات الربيع العربي، وعدم انحياز تلك المؤسسة لمطالب الشعوب العربية التواقة للحرية والكرامة والعدالة، والمشهد أكثر وضوحاً مع استمرار المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث لم تكن الجيوش العربية عوناً لأهالي غزة والدفاع عنهم، الأمر الذي يؤكد فقدان تلك الجيوش ماهيتها ودورها المناط؛ الأمر الذي يؤكد ضرورة إعادة بنائها على أسس وطنية صحيحة وممنهجة، حتى تصبح الجيوش العربية ذخراً للشعوب وحمايتها، وليس عبئاً عليها في ميادين السياسة والاقتصاد والأمن.

في إطلالة متأنية وسريعة على تاريخ الحروب العربية - الإسرائيلية، يمكن الجزم بأن الهزائم لم تدفع الجنرالات والنياشين في الجيوش العربية لاستخلاص العبر والدروس ونقد الذات، فلم تشكل مثلاً لجنة واحدة للتحقيق في هزيمة الخامس من  يونيو عام 1967، وفي الاتجاه نفسه لم يترجم الجنرالات الانتصارات العسكرية الجزئية في حرب أكتوبر 1973، مثل تدمير خط بارليف في سيناء، وخط آلون في هضبة الجولان السورية المحتلة، إلى مكاسب سياسية، بل على العكس من ذلك، انقلبت انتصارات الجنود الشجعان وتضحياتهم الجسيمة إلى هزائم سياسية ونجاحات إسرائيلية، تمثلت بعقد اتفاقات كامب ديفيد عام 1979 بين مصر والدولة العصابة إسرائيل.

مجازر بحق الفلسطينيين

بات جلياً عدم انحياز الجيوش العربية إلى شعوبها، وكذلك لم تقم بحماية الوطن العربي، والمجازر التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني على امتداد فلسطين التاريخية ماثلة للعيان منذ بداية أكتوبر المنصرم، ولهذا من الطبيعي جداً أن يتساءل كل مواطن عربي عن جدوى أداء الجيوش العربية وموازناتها ونفقاتها الضخمة، حيث إن لها آثاراً سلبية مباشرة على تطور الصحة والتعليم، والتنمية البشرية، ناهيك عن ترك المواطن فريسة العدوان الإسرائيلي والشركاء، نقصد هنا كل النظم الداعمة للدولة المارقة إسرائيل وإجرامها وتوحشها وفاشيتها، وفي وقت غاب فيه دور المناطق للجيوش العربية، تعاني المجتمعات العربية من معدلات بطالة تصل إلى 30 في المائة من حجم قوة العمل المعروضة في سوق العمل، هذا فضلاً عن أرقام فلكية للأمية، وصلت إلى نحو 80 مليون أمي خلال الأعوام الأخيرة، وثمة تقديرات عسكرية تشير إلى أن الدول العربية تبوأت المركز الأول عالمياً على صعيد الإنفاق العسكري والأمني.

أسئلة مشروعة

يقدر الإنفاق العسكري العربي بأكثر من 300 مليار دولار أمريكي للعام الواحد خلال السنوات الأخيرة، وقد تكون الأرقام أكبر بكثير لأن المعطيات المذكورة هي عبارة عن تقديرات مراكز بحث غربية، قد تخفي قيمة مبيعات الدول المصنعة للأسلحة للدول العربية. ويعزو خبراء ارتفاع الإنفاق العسكري والأمني للبلدان العربية إلى توسع غالبية حكومات البلدان العربية في زيادة عدد أفراد الجيوش والأجهزة الأمنية، وشراء أسلحة ومعدات عسكرية وأمنية، ورفع رواتب العسكريين وأفراد قوات الأمن بمختلف مسمياتها وفروعها، والسؤال المطروح هل تقوم تلك الجيوش بوظيفتها المناطة في حماية الأوطان والمواطنين العرب؟

 

 

 

Loading...