في هذا الأسبوع تحدث في الشرق الأوسط حرب على الزمن. فالولايات المتحدة أعلنت عقد قمة غداً في الدوحة في محاولة شبه أخيرة للعودة والدفع قدماً بصفقة تبادل بين إسرائيل و"حماس". في "حماس" يهددون بعدم المجيء. في غضون ذلك ما زالت إيران و"حزب الله" يستعدون لعملية رد ضد إسرائيل على عمليات الاغتيال الأخيرة في طهران وفي بيروت. وتستعد إسرائيل أيضاً لامتصاص الضربة ولعملية رد على الرد أيضاً عند الحاجة.
الأميركيون يزيدون قواتهم في الشرق الأوسط على أمل ردع إيران، وهم يؤمنون بشكل معين بأن انعطافة في المحادثات ستجعل عملية الثأر لا حاجة اليها، وتضع المنطقة على مسار اكثر استقراراً. نشر زعماء بريطانيا وفرنسا وألمانيا، أول من أمس، نداء مشتركاً لإيران وحلفائها للامتناع عن تنفيذ هجمات ستعرض للخطر وقف إطلاق النار في قطاع غزة. من الضاحية في بيروت قيل إن "حزب الله" يقوم بإخلاء نشطاء وحواسيب من مكاتبه خوفاً من رد إسرائيلي.
تحدث وزير الدفاع الأميركي، لويد اوستن، هاتفياً مع وزير الدفاع غالنت من أجل إطلاعه على الخطوات الاخيرة للولايات المتحدة. أمر اوستن بتسريع نقل حاملة الطائرات لنكولن ومجموعة المهمات التابعة لها الى شرق البحر المتوسط. ونقل ايضا الى المنطقة المدمرة النووية جورجيا التي تحمل صواريخ موجهة. تعطي هذه الخطوات اشارات للنظام في طهران بأن هجوماً قوياً يمكن أن يقربه هو و"حزب الله" من منطقة الخطر.
القمة المخطط لعقدها في الدوحة يتم عرضها كقمة الفرصة الأخيرة. ممثلو دول الوساطة في المفاوضات وكبار قادة جهاز الامن الإسرائيلي يعتقدون أن تهديد "حماس" عدم المجيء للمفاوضات هو جزء من المساومة، وأن القمة سيتم عقدها في موعدها. يبدو أن الأميركيين ينوون وضع اقتراح وسط مختلف قليلاً في امور صغيرة على الطاولة، ومحاولة املاء الموافقة عليه من الطرفين، على طريقة "خذه أو اتركه". واذا ووجهوا بالرفض، فربما، مثلما كتب هنا، أول من أمس، امير تيفون، فانهم للمرة الاولى سيلقون المسؤولية على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. حتى الآن وجهوا إصبع الاتهام عن فشل المفاوضات بالاساس لـ"حماس".
في الأشهر الأخيرة يبدو أن نتنياهو يقوم بصد ضغوط الادارة الأميركية بالاعتماد على الاستطلاعات في الولايات المتحدة، التي في معظمها تنبأت بفوز ساحق لدونالد ترامب في انتخابات الرئاسة في تشرين الثاني. عشية المؤتمر الديمقراطي أظهرت الاستطلاعات تعززاً حقيقياً لمكانة نائبة الرئيس كمالا هاريس، مرشحة الحزب للرئاسة. واذا كانت الاستطلاعات موثوقة فان نتنياهو يمكن أن يجد نفسه في مشكلة مع الرئيس المتحرر من قيود التهذيب ومع وريثته، التي لا تخفي رغبتها في إنهاء الحرب.
في القطاع تستخدم إسرائيل ضغطاً عسكرياً جديداً على رئيس "حماس"، يحيى السنوار. العملية البرية الجديدة للفرقة 98 تتركز في خان يونس، حيث لاحقت إسرائيل هناك عبثا السنوار نصف سنة تقريباً. في الوقت ذاته يتم تنفيذ هجمات جوية كثيرة ضد قيادات "حماس"، الذين يتواجدون في مراكز الايواء، بالاساس في المدارس. أول من أمس أعلنوا في الجيش الإسرائيلي و"الشاباك" بأنهم شخصوا 31 قتيلاً في مهاجمة المدرسة في حي الدرج – التفاح في جنوب مدينة غزة، السبت الماضي، كنشطاء في "حماس" و"الجهاد الاسلامي"، أو أنهم ينتمون للاثنين. في جهاز الامن يقولون بأن العدد الحقيقي للقتلى في هذا الهجوم هو 40 شخصا وليس 93 كما قالوا في "حماس".
ثمة توتر اقليمي كبير على خلفية الاغتيالات المنسوبة لإسرائيل، والأميركيون بالتأكيد سيتابعون إسرائيل من اجل رؤية أنها لا تبادر الى مغامرة جديدة قبل لحظة من عقد القمة. أول من أمس اهتم مكتب رئيس الحكومة بنشر توبيخ لوزير الدفاع، يوآف غالنت، بسرعة غير معتادة أمام عنف اليمين، وانحرافات اخرى عن السلوك المناسب. اعتبر غالنت كافراً. في لقاء مع اعضاء لجنة الخارجية والامن تم الاقتباس عنه عندما قال: "أنا لا أتأثر بالأبطال أصحاب النصر المطلق وأقوال الهراء". اتهمه مكتب نتنياهو بتبني "رواية مناوئة لإسرائيل والمس باحتمالية التوصل الى الصفقة"، كان من الأفضل لو أن غالنت هاجم السنوار. وقد جاء في بيان مكتب رئيس الحكومة "يوجد أمام إسرائيل خيار واحد فقط وهو تحقيق النصر المطلق. هذا هو توجيه رئيس الحكومة والكابنت الواضح، وهو ملزم للجميع، بما في ذلك غالنت".
بنك الاهداف
اثارت المقابلة مع قائد الفرقة 98 التارك، العميد دان غولدفوس، في "اخبار 12"، ردود فعل كثيرة انفعالية. غولدفوس، الذي حارب مع فرقته منذ المذبحة في 7 تشرين الاول والذي ستتم ترقيته في القريب الى رتبة قائد في الجيش، قال امورا كانت تعتبر ذات مرة مفهومة ضمناً. لا يوجد لديه أي تعاطف مع العدو الذي قتل واغتصب سكان الغلاف. ولكن مهمة الجيش هي قتله أو أسره. واذا اصبح التنكيل بمعتقلي "حماس" هدفاً فان الجيش سيتنازل عما يميزه عن العدو. التمسك بقيم الجيش الإسرائيلي هو الذي سيحافظ على قدرته في المعركة، وإعادة المخطوفين الى البيت هي الهدف الأول بعد فشل إسرائيل الفظيع في يوم المذبحة.
هذه الأقوال كانت تكفي من اجل الهجوم عليه من قبل مذيعي اليمين وأبواقه. غولدفوس سبق أن اصبح هدفاً لهم منذ آذار عندما طالب في خطاب بعد إنهاء مرحلة في عملية لفرقته في خان يونس السياسيين بأن يكونوا جديرين بالتضحية التي اظهرها المقاتلون. الخطاب وبحق تجاوز خطوط المسموح والممنوع في العلاقة مع المستوى السياسي، وقام رئيس الاركان هرتسي هليفي بتوبيخ قائد الفرقة، وعلى الفور أرسله للقتال. الآن، حتى الامور الأساسية، المعقولة والمفهومة ضمناً، التي قالها غولدفوس في مقابلة الانتهاء، كانت تكفي من اجل اثارة حملة ضده.
هو هكذا ينضم الى عدد كبير من الضباط الذين توجه اليهم الانتقادات في قنوات اليمين كل يوم، مع أو بدون صلة بإخفاقات الجيش. اضافة الى القيادة العليا في الجيش، التي هي وبحق المسؤولة عن اخفاقات المذبحة، فإن الهجوم عليها يستخدم لحرف الانتقاد لنتنياهو، ويتعرض ايضا ضباط آخرون من بينهم النائبة العسكرية الرئيسية، الجنرال يفعات تومر يروشالمي، وقائد المنطقة الوسطى المستقيل يهودا فوكس، الذي بالمناسبة، قضى معظم الفترة الاخيرة منذ استقالته في حملة تعزية لعائلات الشهداء الذين سقطوا تحت قيادته في السنة الاخيرة، التي لم يتمكن من زيارتها اثناء الحرب. ومثل غولدفوس تربى في قطاع حريدي ديني (في حالة فوكس كان هذا القطاع حريدياً قومياً). ولكن في اليمين المتطرف يواصلون تقسيم الضباط الى من هو من جماعتنا ومن ليس من جماعتنا، ويقيسون مستوى تمسكهم بالدين ويعطونهم إشارات وعلامات.
عن "هآرتس"