لم ينتزع الانفجار سواراً أحاط بمعصمها.. يدها الغضة الطرية بترت أعلى الساعد وتحت كتفها بإصبعين.. قال جندي لصاحبه: لِمَ أبقيت على السوار؟ استله هدية لطفلتك ذكرى مجزرة!
ساق بقدم وقدم بلا ساق تنتعل حذاءً رياضياً مقاسه اثنين وثلاثين.. قال جندي لزميله: اخلعهما هدية لطفلك. أجاب لا، لا أريد ألا ترى أنهما مهترئان دعنا نخوض في الأشلاء ربما وجدنا حذاءً أفضل.
تبادل الجنود الضحكات بينما تحدق فيهم عين واحدة ظلت في وجه طفلة بعد أن اخترقت شظية عينها اليسرى.. عين رأت واحتفظت بذاكرتها البصرية لتنقل ما رأت لله، ستسأله جل وعلا لماذا يا الله تركتهم يفقؤون عيني وتخترق شظاياهم جمجمتي، لا أريد عيناً واحدة خذها يا الله.
انسحب الجند بعد المقتلة تزاحمت الأشلاء وتطايرت شلواً إثر شلو يحاول التعرف والالتحام بباقي الجسد.. هذا الجذع ربما لي صاح العجز لا، لا هذا جذع طفل صبي وتلكم الأشلاء لطفلة.. ماذا عن هذا الرأس.. ما زالت تزينه ضفيرة بشريط ربما كان أبيضاً لكنه تحول لزكيٍ قانٍ! وذاك الرأس ذو شعر أشقر ملطخ بالأحمر من جانبه الأيمن وقد انتثر الرأس بعيداً عن جسده! لكن أي الأشلاء هي جسده! لقد عجنت الأيدي بالجذوع وغارت الأقدام الصغيرة في كوم من اللحم.
قال الجندي مقهقهاً لصاحبه وهما يتقافزان بين الأشلاء: أما انثالت ذاكرتك على شفتيك لعاباً من رائحة الشواء؟