الحرب التي توشك على إكمال السنة، مضت منذ أيامها الأولى وحتى الآن.. في مسار محدد، لم تجدي فيه الوساطات نفعاً، سوى لمرة واحدة تكاد لا تذكر لضآلة حجمها، ومحدودية تأثيرها في المسار.
قبل أيام، جرى تداول واسع ليوم الخامس عشر من آب الماضي على أنه يوم الفرصة الأخيرة، ولكي يظل هذا المصطلح متداولاً جرى تأجيله ليصبح جولة من عدة جولات مفتوحة لا أحد يعرف نهايتها.
واليوم دخل إلى الروزنامة مصطلح الأحد الحاسم، الذي سيلتئم فيه الوسطاء جميعاً للبحث في المبادرة الأمريكية بعد تعديلها أكثر من مرة وبغياب رسمي من جانب حماس، التي قطعت بأن لا جدوى من المحادثات ولا أمل من نتنياهو لأن يطبق حتى ما يتظاهر بالقبول به.
العناوين المتداولة هذه الأيام، أهمها محور فيلادلفي ومعبر رفح ومحور نتساريم، وفي السياق يُتداول كلام عن حلول وسط للتواجد الإسرائيلي على هذه المواقع الثلاثة، ما يذكّر بمصطلحات إعادة الانتشار بديلاً عن الانسحاب.
أصل الحكاية غزة، ليس من يحكمها وإنما من يسيطر عليها.
الإسرائيليون وليس نتنياهو وحده يريدون سيطرة كاملة على القطاع كله، جواً وبراً وبحراً، بسيطرة فعلية كاملة على المعابر أولاً، كمدخل حتمي للسيطرة على الجغرافيا كلها، وإذا ما توفر لهم ذلك على صعوبته بل إلى حد الاستحالة، فسيواصلون استنساخ السيطرة على كل مكان يستطيعونه من الجغرافيا الفلسطينية.
بعد إغراق غزة بالجيش وآلياته ومعداته الثقيلة، وملء الضفة بالمستوطنين المسلحين المحميين بقوات الجيش والأمن، سيواجه الإسرائيليون حقيقة تجعل كل ما يعملون بلا نتائج حاسمة، أساسها أنه ما دام الاحتلال قائماً فالمقاومة قائمة، وما دام الفلسطيني متمسك بأرضه وحياته وممتلكاته وحلمه بالحرية والاستقلال، فكل ما تفعل إسرائيل محكوم بالفشل، ودليلنا الحاسم على ذلك أن احتلالها للوطن الفلسطيني يوشك على إكمال القرن، ومن ينظر بموضوعية للخريطة فسوف يرى وكأن الاحتلال بدأ اليوم وأن راية بيضاء واحدة لم ولن ترفع.