رئيس أركان الجيش الأميركي، تباهى بأن العراضة العسكرية الواسعة التي نظمها البنتاغون في بر وبحر وسماء الشرق الأوسط، حققت إنجازاً مذهلاً.. بأن منعت اندلاع حرب إقليمية.
هذا التباهي فيه من الادعاء أكثر بكثير مما فيه من الموضوعية. لأن أمريكا تدرك قبل غيرها أن لا حرب إقليمية أساساً يمكن أن تندلع في المنطقة، ليس لأن أمريكا لا تريدها، ولكن لأن جميع الأطراف التي يمكن أن تنخرط فيها لا تريدها أصلاً.
وحين كان يتم اشتباك وهو يتم كل يوم تقريباً، فإن المشتبكين يؤكدون بالقول والفعل بأن لا حرب إقليمية في حسابهم بل اشتباكات محدودة تتطلبها أجنداتهم الخاصة، إمّا لحفظ ماء الوجه، أو لإسكات الرأي العام، أو لترميم الهيبة المنتهكة.
الخلاصة.. إن مصطلح الحرب الإقليمية هو مجرد ملهاة يتغطى بها كل من أطلق يد إسرائيل للقتل والتدمير في غزة، أمّا التباهي بأمور خارج الواقع فهي صناعة أمريكية. إذ لم تعد الحرب الإقليمية في الحقيقة سوى مصطلحٍ يردده الأمريكيون وهم يعلمون أنه ليس أكثر من فزاعة هدفها لفت الأنظار عن الحرب الحقيقية التي تجري في غزة والدور الأمريكي فيها.
الاشتباكات التي تجري على عدة جبهات.. محكومة بتوقيت محدد وأسقف متفق عليها، أمّا المتفق عليه بشكل صارم ودقيق ولا خروج عنه، فهو انضباط الجميع لأن لا تنتقل الاشتباكات إلى مساحة أوسع مما هي عليه، مع التزام الجميع بالإعلان قبل كل اشتباك وبعده بأن لا تفكير في توسيع الحرب ولا بتحويلها إلى إقليمية، أمّا غزة فهي أرض الحرب الحقيقية التي لا أسقف محددة لها بقدر ما هي أرض محروقة بقرار إسرائيلي أمريكي وبعجزٍ إن لم نقل بصمت دولي.