على الولايات المتحدة أن تفهم أن رئيس المكتب السياسي لـ "حماس"، يحيى السنوار، الذي يعرف أن أمنه محدود، غير معني بصفقة لا تتضمن، ضمن مطالبه الأخرى، انسحاباً مهماً من محور فيلادلفيا، وخروجاً من معبر رفح، وتعهداً إسرائيلياً أميركياً ألا يصفى.
السنوار هو ابن موت. وحشيته ومسؤوليته المباشرة عن "مذبحة" 7 تشرين الأول قررت حكمه. كما أن "المخربين" الذين يصفون بجموعهم يعنونه كما تعنينه قشرة الثوم.
العكس هو الصحيح. في هذه اللحظة تواصل الرواية الفلسطينية الكاذبة خدمته. فالفلسطينيون جعلوا البكائية وادعاء الضحية فناً يستخدمونه عبر قناة "الجزيرة" ليواصلوا إطلاع العالم على خرائب غزة ومئات "المخربين" الميتين.
السنوار، الذي تبدد أمله حتى الآن في توسع الحرب إلى ساحات أخرى، يقضي في النفق، ويحاول إعادة النظر في المسار. وهو يعرف أن زمنه محدود. في هذه اللحظة لا يبدي بوادر مرونة، لكن لن يكون أمامه مفر. هو ينتظر ليرى إذا كانت الحرب ستتوسع إلى الشمال.
إذا لم يحصل هذا، فسيلين. السنوار محبط وعديم الوسيلة أمام الرد القاسي لإسرائيل، وتصفية رفاقه "المخربين" وما يبدو في نظره انعدام الرد الإيراني.
إن تصفية إسماعيل هنية في طهران تجنن النظام الإيراني الذي يريد الثأر. لكن في الوقت ذاته يفهم الزعيم الأعلى، آية الله علي خامينئي، بأن رداً قاسياً أكثر مما ينبغي من جانب بلاده سيعطي إسرائيل شرعية لتدمير منشآت استراتيجية، منشآت غاز ونفط، ويشكل أيضاً فرصة ذهبية لضرب المنشآت النووية الإيرانية.
لإيران الكثير مما تخسره وزعماؤها يفهمون هذا جيداً. الرسائل المهددة التي تنقلها الولايات المتحدة من خلال إرسالها حاملات طائرات وغواصات إلى المنطقة هدفها ردع الزعيم الإيراني في هذه المرحلة.
الولايات المتحدة حقاً غير معنية بتوسيع الحرب إلى ساحات أخرى. في تشرين الثاني أجريت انتخابات للرئاسة، وستتسبب الحرب مع إيران بالأذى للاقتصاد العالمي، وأسعار النفط التي سترتفع، وفرص نائبة الرئيس كمالا هاريس لتنتخب.
يعض أمين عام "حزب الله"، حسن نصر الله، على شفتيه في ضوء فشل محاولته الهجوم على إسرائيل في بداية الأسبوع.
أكاذيبه المكشوفة عن الضربة المزعومة لمنشآت عسكرية في إسرائيل تشهد على الإحباط والخوف، وتتيح له "إنهاء الجولة"، في هذه المرحلة على الأقل.
وئام وهاب، سياسي لبناني ومقرب من "حزب الله"، اعترف في مقابلة صحافية بأنه إذا ما اتسعت الحرب فإن لبنان قد يصبح غزة. هكذا بحيث أن لكل الأطراف ذات الصلة، ولا سيما الولايات المتحدة وإيران، مصلحة واضحة في عدم توسيع الساحات.
إسرائيل لا يمكنها أن تمر مرور الكرام على إصابة وقتل مواطنين وجنود، وهدم مئات البيوت، وحرق مئات الدونمات في هضبة الجولان وفي الجليل وهجمات لا تتوقف عليها. الآن، حين فشلت محاولة هجوم "حزب الله"، على إسرائيل ألا تنتظر الجولة التالية التي ستخوضها منظمة "الإرهاب" الشيعية مع أو دون إيران.
هذا واجبها في أن تهاجم وتزيل تهديد "حزب الله". نحو 70 ألف مواطن من الدولة أخلوا الشمال ينتظرون العودة إلى بيوتهم الآن.
على إسرائيل أن تطالب بتطبيق قرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن. ومع ذلك، أمام الاحتمال الطفيف في الوصول إلى اتفاق سياسي يرضي إسرائيل، فإن الاحتمالات لعملية عسكرية إسرائيلية داخل لبنان هي احتمالات حقيقية.
عن "معاريف"