في أيار 2021، في ذروة الفترة الأكثر رقمية في تاريخ البشرية، تم إرسال بيانات للتحريض على العنف في الشبكات الاجتماعية، وحتى الآن لم تتم معرفة من قام بنشرها.
وهاكم مثالاً نموذجياً، "سلام لكل مواطني دولة إسرائيل اليهود. النبي يدعوكم للمشاركة في القتل الجماعي للعرب الذي سيكون في الساعة الثامنة مساء في ساحة الشعب في عكا (في بيانات أخرى تم الحديث عن متنزه بات يم أو ميدان هبيما وغيرهما).
من فضلكم تعالوا مع المعدات المناسبة مثل قفازات الملاكمة والسيوف والسكاكين وقطع من الخشب والصخور والمسدسات والسيارات المحمية من الخنازير، كل شيء. اليوم سنعيد كرامة اليهود إلى البيت".
المفتش العام للشرطة في حينه، يعقوب شبتاي، قام بإبلاغ رئيس الحكومة ووزير الأمن الداخلي عن ذلك في 14/5/2021، وقال إن عضو الكنيست إيتمار بن غفير، رجل الصهيونية الدينية (قبل أن يصبح وزيراً)، مشتبه فيه بـ "إشعال التوتر في أرجاء البلاد وإشعال المنطقة، وهو المسؤول عن هذه الانتفاضة. بدأ هذا بتظاهرة جمعية "لاهافاه" في باب العامود، واستمر بالاستفزاز في الشيخ جراح، والآن يتجول مع نشطاء هذه الجمعية في المدن. أول من أمس نجحنا في تهدئة عكا، حيث وصل إلى هناك مع نشطاء في حافلة وتسبب في الإشعال. لا يوجد لدى الشرطة أدوات لمواجهته"، قال المفتش العام للشرطة ذلك، ولكن لا أحد حاول حقاً فحص ما الذي حدث هناك.
قواتنا، من بينها القضاة المبجلون، اكتفوا بعقاب قاسٍ جداً للعرب الذين تم التحقيق معهم، وعقاب خفيف، إذا حدث، لثلة اليهود الذين يبدو أنه تم التحقيق معهم (مثلاً حول قتل موسى حسونة في اللد الذي أطلقت النار عليه وقتل في عملية "حارس الأسوار").
الاحتجاجات على ذلك وجهت للسلطات والشرطة والمستشار القانوني للحكومة، ولكن لم يتم الرد عليها. بعد ذلك توقف المفتش العام للشرطة، كوبي شبتاي، عن القلق على افتراءات بن غفير وزمرته.
في 26 شباط 2023 حدثت أعمال الشغب في حوارة، التي شارك فيها مئات اليهود.
قلائل تم اعتقالهم، اثنان، أحدهما قاصر، تم إرسالهما إلى الاعتقال الإداري.
ربما هناك أحد يعرف من الذي بادر إلى أعمال الشغب هذه وكيف عرف مئات المشاركين متى يجب قدومهم إلى المكان وما الذي سيفعلونه هناك. ولكن لم ينشر أي شيء حول ذلك. هكذا تفاجأت قواتنا دائماً من جديد بافتراءات "الأعشاب الضارة"، التي يُعتبر المجال ضيقاً لتفسيرها. وتصرف العالم كالعادة.
لكن يبدو أن كل أعمال الشغب والمذابح ضد الفلسطينيين كانت المقدمة، نوع من التدرب على الشيء الحقيقي: أحداث سديه تيمان وبيت ليد في نهاية تموز الماضي، بعد ذلك أعمال الشغب في جيت في 15 الشهر الحالي. من لا يلاحظ حتى الآن أو يصعب عليه الفهم بأن "الحرس الوطني"، الذي أقامه الوزير بن غفير أصبح موجوداً ويضرب كل من لا يتساوق مع القومية المتطرفة و"القوة" اليهودية؟ بهدوء وصمت ومن تحت الرادار، في الوقت الذي يتناقش فيه الجميع حول أسماء المرشحين الذين سيقفون على رأس الحرس الوطني وحول الميزانيات فقد ثارت الشرنقة على خالقها.
الآن، لا يعتبر هذا دعوة لـ "القتل الجماعي للعرب"، وهو لم يعد أعمال شغب في "المناطق". خلال ثلاث سنوات وصلنا بسرعة إلى الأمر الحقيقي. إلى أين اعتقدنا أن كل هذا العنف سيصل؟ ما هو الفرق بين المفاجأة في 7 تشرين الأول وبين ما حدث في سديه تيمان وبيت ليد وجيت؟ ما كان في السابق بقي على حاله. العنوان مكتوب على الحائط وبحروف بيضاء مقدسة. صحيح أنه في سديه تيمان وبيت ليد وجيت لم يقتل أي مدني إسرائيلي، ولكن من يمكنه أن يقول لنا ما الذي سيحدث في الحادثة القادمة أو التي تعقبها؟ قرب سديه تيمان كانت هناك قوات للشرطة. ولكنها دخلت إلى القاعدة من أجل المساعدة في اعتقال المتظاهرين فقط بعد ساعة على الاقتحام، عندما كان المحتجون قد خرجوا من هناك.
وإلى جانب مثيري الشغب في جيت وجد جنود احتياط لم يفعلوا أي شيء لوقف الذين هاجموا القرية.
يدور الحديث عن أحداث بحجم فظائع. ولكن على صعيد المبدأ هذا يشبه بالضبط ما نشر في الشبكات الاجتماعية في تشرين الأول 2023 وتم التأكيد عليه في التحقيق الذي أجراه الجيش حول كيبوتس بئيري في 7 تشرين الأول.
يجب فحص من الذي بادر إلى هذه الأحداث المذكورة أعلاه، وإذا ما كانت علاقة بينها.
إذا لم يتم فعل ذلك حتى الآن أو أنهم فحصوا ولم يترجموا نتائج الفحص إلى تحقيق جنائي أو أمني، فإن هذا خلل خطير يعني تشجيع المشاغبين ودعمهم.
في العصر الرقمي الحالي يدور الحديث عن فحص بسيط. ولكن يجب على شخص أن يقوم بإجرائه.
في السياق ذاته من الجدير التذكير بأن قضية التنظيم السري اليهودي لم تقلق أبداً المنظومة، إلى أن تبين أن الأمر يتعلق بخطر جوهري بسبب خطة تفجير قبة الصخرة.
خلافاً لعمل مؤيدي ترامب في كانون الأول 2021، هنا لا توجد حاجة إلى الانقضاض على "تلة الكابتول"، فقد سقط هذا الحصن، بصورة ديمقراطية ودون معركة، منذ فترة طويلة. وبخصوص أحداث سديه تيمان وبيت ليد نشر أن لجنة الخارجية والأمن قامت بإجراء نقاش سري حول الموضوع، "اعتقال الجنود، وسلوك المدعية العسكرية الرئيسة والشرطة العسكرية".
في السياق يذكر أنه في آذار 2020، في آخر ولاية رئيس اللجنة وكرئيس للكنيست، فإن عضو الكنيست يولي إدلشتاين وضع خطاً على قرار المحكمة العليا. لذلك يجب عدم الدهشة من سلوكه الحالي.
كلما ازدادت هذه العمليات يزداد الشعور، للأسف الشديد، بأننا نحن أيضاً، المواطنين اليهود وليس العرب فقط، "غائبون – حاضرون".
فهل سنستيقظ عندما يقوم الحرس الوطني الشعبي الجديد باقتحام السجن لتحرير يغئال عمير أو عميرام بن أولئيل؟ أو عندما يقرر الوزير أنه بعد أو قبل بناء الكنيس في الحرم قد حان الوقت لإقامة نصب تذكاري على سطح الحرم الإبراهيمي لتخليد ما فعله باروخ غولدشتاين؟
عن "هآرتس"