مقالات مختارة

بن غفير يسيء لفكرة بناء الكنيس في الحرم | نداف شرغاي

 

 

فكرة إقامة كنيس في "جبل البيت" (الحرم) ليست جديدة، وليست فكرة إيتمار بن غفير، وهي بالأساس ليست هاذية وبلا أساس، كما تبدو بسبب حقيقة أن بن غفير هو الذي رفع (مرة أخرى) هذا العلم، بطريقته وبتوقيته غير الناجح على نحو خاص.
لولا هذا لكان يحتمل أن نكون نبحث هنا في الاقتراح بشكل موضوعي، الزمان والمكان، وليس بشكل ذاتي متعلّق ببن غفير، الذي جعل نفسه علماً أحمر على الملأ في تصريحاته المتعلقة بـ"الجبل". طُرحت إقامة كنيس في المكان الأكثر قدسية للشعب اليهودي على مدى السنين من أناس وحاخامات بعيدين عن بن غفير وآرائه بعد الشرق عن الغرب.
فقد طرحها الجانب اليهودي في أواخر مؤتمر كامب ديفيد 2000، وأُدرجت في خطة "دار السلام" لزعيم "مبام" الراحل يعقوب حزان، وذكرها محرر "جبل البيت"، مُوتي غور، من قادة حزب العمل، في أحاديث أجراها في أواخر أيامه. وحتى الحاخام يهودا عميطال، زعيم "ميماد"، الحزب الديني المعتدل، عُني بذلك، وكذا الحاخامات الرئيسون شلومو غورين، مردخاي إلياهو، وشآر يشوف كوهين الحاخام الرئيس لحيفا.
يجدر بالذكر مرة أخرى أن الوضع الراهن المقدس في "الجبل"، الذي يزعم أنه تأذى الآن، هو وهم. فالمسلمون نفذوا فيه سلسلة من العمليات المضادة وتغييرات جوهرية، تناولناها هنا غير مرة: بناء ثلاثة مساجد إضافية، والتغيير في أزمنة ومناطق الزيارة لليهود هناك، وغيرها. بعد خمسين سنة فقط جاء التغيير من الجانب اليهودي. المسلمون، حتى لو لم يوافقوا عليه، سلّموا به: صلوات صامتة مرتين في اليوم، في شرق "الجبل"، بإشراف وبإذن الشرطة.
غير أن الخطاب المشوّه في موضوع إقامة الكنيس في "الجبل" لا يرتبط فقط ببن غفير، الذي يجدر به أن يحفظ عن ظهر قلب مشورة كهيلت "لكل زمن ووقت لكل شيء تحت السماء"، بل أيضاً الحقيقة الأساس التي تخفيها إسرائيل منذ سنوات طويلة: في 1967 قدمت دولة اليهود في "جبل البيت" تنازلاً هائلاً، عظيماً ولا يصدق. أخذت المكان الأكثر قدسية لليهود وأودعته في أيدي دين منافس، الإسلام، الذي بالنسبة له هو المكان الثابت في قدسيته. وذلك في ظل مس شديد بحقوق اليهود هناك. هذا الحدث تحوّل ليكون لسبب ما مفهوماً من تلقاء ذاته. لا شيء يشبه في العلاقات بين الأديان في العالم تنازلاً من هذا النوع أو بمثل هذا الحجم. ومن هنا أيضاً ينشأ كل الوقت الخطاب حول "الجبل"، الذي دار فقط وحصرياً حول قدسية المكان للمسلمين.
في مركزه كان ثمة سؤال واحد ووحيد: بأي قدر تراعي فيه اسرائيل وتحترم هذه القدسية؟ اختفت على نحو شبه تام تقريباً قدسية المكان للدين وللشعب اليهودي، وثمة سلسلة تغييرات جوهرية نفذها المسلمون، وليس اليهود، على الوضع الراهن، وكلها في طالح الجانب اليهودي، مثل فرية الدم الكاذبة أيضاً التي تقول "الأقصى في خطر" ونتائجها العمليات "الإرهابية".
إن البحث في هل كنيس في "الجبل" أو لا كنيس في "الجبل"، ومتى وكيف، كان يمكن له أن يوازن قليلاً الخطاب حول "الجبل". لكن حقيقة أن بن غفير يتصدره لا تجديه نفعاً ولا تدفعه قدماً.

 عن "إسرائيل اليوم"

 

 

Loading...