تجربة الفلسطينيين مع المحتلين الإسرائيليين طويلة وغنية، وأنتجت إعلاماً مؤثراً على صعيد كشف نوايا وأهداف المحتل القريبة والبعيدة، بما في ذلك إنتاج مراكز بحث ودراسات جعلت المحتل تحت أنظار الفلسطينيين، وفي متناول وعيهم وإدراكهم لكل ما يخططون ويفعلون.
انتشر إعلام الفلسطينيين ليغطي العالم كله، ورغم الحصارات المفروضة عليه، من قبل السيطرة الصهيونية على أكبر وسائل الإعلام العالمية، إلا أن الفلسطيني سجّل نجاحات مشهودة في اختراق هذا الإعلام، وتقديم الرواية الفلسطينية بمضامينها العادلة ما أنتج تعاطفاً شعبياً عالمياً مع القضية الفلسطينية ونضال شعبها المحق والعادل، غير أن بعض الأمور تسللت إلى إعلامنا ويجدر التنبه بها للتخلص منها وهي أن بعض قليلي الخبرة في مجال الإعلام يأخذون الروايات الإسرائيلية على أنها قيد التحقق، وأحيانا يظهر ذعر من هذه الروايات، وهنا علينا أن ندقق جيداً في إظهار الفرق بين الكثير الكثير الذي تقوله إسرائيل لتخويفنا واحباطنا، وبين ما تستطيع فعله وهو القليل القليل أمام صمودنا ووعينا ومبادراتنا.
فلنحاكم الإعلام الإسرائيلي ليس على ما يقول كما لو أنه حقائق لا راد لها، وإنما على صعيد ما يستطيع أن يفعل، وما فعل وفق شواهد الصراع الطويل لم يصل إلى حد تخويف الشعب الفلسطيني ومنعه من ممارسة نضالاته بكل ما يملك، وأن يحقق نتائج قوية جرّاء هذه النضالات.
ولنأخذ مثلاً موضوع التهجير، فهنالك حلم إسرائيلي بأن ينقلوا أهل غزة إلى سيناء، وأهل الضفة إلى الأردن، غير أن الحلم تحول إلى كابوس، لأن الفلسطينيين قرروا أن لا يغادر وطنهم مهما كانت قوة الضغط الإسرائيلي، وهذا مثال ينطبق على كل المجالات التي راهنت فيها إسرائيل على كسر إرادة الشعب الفلسطيني وفرض أجنداتها عليه.
الخلاصة.. ينبغي أن ننتبه جيداً إلى الفرق بين ما تقول إسرائيل وما تستطيع أن تفعل، وبين قدرات الشعب الفلسطيني التي أثبتت خلال السنوات الطويلة أنها تقف نداً قوياً أمام محاولات التصفية بالقتل والتدمير والتهجير.
الإعلام المستنير ضرورة والاعلام المذعور يجب تجنبه وعدم التعاطي به أو معه.