لم يرق للاحتلال الإسرائيلى أن يستثنى الضفة الغربية من عملياته الكثيفة، فتوجهت كتائب متعددة من جيشه حاملة اسم «مخيمات صيفية» فى عدوان عسكرى هو الأشد، والأقسى منذ قرابة ربع قرن من الزمن.. بالتحديد منذ عملية «السور الواقى- 2002»، حيث تزعم إسرائيل أنها تستهدف مسلحين فى جنين، وطولكرم، وطوباس من خلال القصف بالمروحيات والمقاتلات، والظاهر أنها تستهدف المسلحين، لكن الباطن هو التهجير بعينه، وهو ما يعنى فتح جبهة جديدة فى الضفة والقدس، وإن كانت هذه الجبهة مفتوحة منذ شهور، رغم حرب غزة، لكن هذه المرة تشمل عمليات إجلاء واسعة لأهالى الضفة، خاصة أنها اختارت مناطق ذات كثافة سكانية، ولعل إسرائيل كاتس، وزير خارجية الاحتلال، الذى ظل مجهولا فى السياسة الإسرائيلية خارجيا وداخليا، كشف عن هذا المضمون بطلبه أن يتعامل الجيش الإسرائيلى فى الضفة مثلما يفعل فى غزة، من حيث إجلاء السكان، وأن تتحول جنين وطولكرم إلى مناطق خالية من السكان، ومدمرة البنية التحتية، بحيث لا يُسمح بعودة سكانها لفترة طويلة من الزمن «مثل غزة»، وقدم لذلك حججا غير مقبولة مثل الزعم بوجود إيرانى فى الضفة، وقد بدأ عداد الموت هناك يتزايد ليصل لمعدلات غزة، وكذلك الهدم، والتجريف للطرقات، ونشر الرعب فى المدن، والمخيمات يجرى على قدم وساق.
أعتقد أن عملية «مخيمات صيفية» أصبحت حرب احتلال إسرائيلى جديدة، حيث الاعتقالات فاقت أى فترة سابقة (نحو10 آلاف أسير منذ 8 أكتوبر الماضى)، ولذلك نحن أمام تهجير لأهل الضفة، واستيلاء بأسلوب «الأمر الواقع» على المسجد الأقصى عبر المستوطنين الذى أقاموا صلواتهم التلمودية، وأعتقد أننا إذا توقفنا أمام تصريحات كاتس، وبن غفير، وتحركات الجيش الإسرائيلى فى الضفة والقدس، فسنجد أن المنطقة تدخل مرحلة جديدة من التوتر واللهيب، ولا ندرى حتى الآن إلى أين تتجه البوصلة الإسرائيلية، حيث المؤشرات الأولية تدل على أن هذه المرة مختلفة عما سبقتها من عمليات، وحملات، حيث المرة الأولى فى 2002 كانت صدمة شارون بدخول المسجد الأقصى واقتحامه، أما هذه المرة فترى إسرائيل أنها إذا نجحت فى القضاء على آخر عمل مقاوم فإن هذا يعنى بناء الكنيس الذى تحدث عنه بن غفير ومن ثم تهجير المقدسيين.
عن الأهرام