اتسعت التظاهرات المطالبة بإجراء صفقة تبادل، وتطورت بانضمام الهستدروت جزئياً لها.
في تاريخ إسرائيل، تظاهرتٌ عملاقة، منها مثلاً تلك التي حدثت في العام 82، والتي انبثقت عنها حركة السلام الآن، ثم التظاهرات التي اجتاحت إسرائيل احتجاجاً على التغييرات القضائية، التي حاولت حكومة نتنياهو فرضها، ما نُظر إليه على أنه تغيير جوهري في هوية الدولة العميقة ومؤسساتها.
التظاهرات العملاقة كانت تبدأ قوية، وتنتهي إلى الذوبان والتلاشي، فلا السلام تحقق، ولا حكومة التغييرات القضائية سقطت.
وها نحن نرى تظاهراتٍ تدعو لإبرام صفقة تبادل، ولا يبدو أنها أمام إصرار نتنياهو على مواصلة الحرب ستكون قادرة على تحقيق ما تطالب به.
التركيبة الإسرائيلية التي تفرض القرارات والاتجاهات، فيها خللٌ كبيرٌ يجعل من إمكانية اتخاذ قرارات صائبة أمراً يكاد يكون مستحيلاً، حتى الجمهور الواسع الذي يتظاهر من أجل الصفقة، هو متحد على جزئية ومختلف في الأساس، الجزئية هي التبادل والأساس هو ليس وقف الحرب، وإنما إنهاء الاحتلال والاستيطان الذي هو سببُ كل المآزق الإسرائيلية.
منذ مقتلة غزة البشعة والحرب على الضفة، بكل قسوتها وطرائقها، لم ترتفع يافطةٌ واحدةٌ تطالب بإنهاء الاحتلال، وإن ارتفعت بصورة تكاد لا تُرى، فتفجرها أجندات الأحزاب الموالية والمعارضة التي لا تعترف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
هنالك مطالبات خجولة مترددة تدعو لإنهاء الاحتلال، ولكنها خافتة ومعزولة، وغير ذات شأن، لهذا تبدو التظاهرات مهما اتسعت حدثاً روتينياً لا تقدم ولا تؤخر في الموضوع الجوهري، وهو إنهاء الاحتلال والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصير.
مظاهرات ضخمة.. ومطالب جزئية.. ومردود ضئيل، هذا باختصار ما جرى في السابق ويجري الآن.