مقالات مختارة

«الكابنت» يقرر التخلي عن المخطوفين في غزة! | يوآف ليمور

 

 

 

لم يفهم وزراء «الكابنت» أو لم يريدوا أن يفهموا ما الذي صوتوا عليه، الخميس ليلا. فقد طولبوا بأن يحسموا في مسألة جزئية؛ البقاء في محور فيلادلفيا، والتي قطعت عن قصد عن المسألة الأوسع لصفقة المخطوفين، والمسألة الأهم: ما هي أهداف إسرائيل في الحرب.
إن تصويتا نزيها، فيما لو حصل شيء كهذا، كان سيضع معضلة اكثر تعقيدا: هل يؤيد الوزراء البقاء في محور فيلادلفيا مع العلم أن معنى قرارهم هو ترك 30 مخطوفا حياً (عدد المحررين المرشحين للصفقة) في غزة لفترة زمنية غير معروفة؟ من المعقول أن يكون بعضهم على الأقل، حسب تصريحاتهم في الماضي، سيصوتون بشكل مختلف.
ولو كان البحث جديا حقا كما يفترض بمباحثات «الكابنت» لطرحت أمامه مسألة أوسع بكثير: هل الوزراء يؤيدون البقاء في محور فيلادلفيا، والذي معناه استمرار الحرب في غزة، وكذا استمرار الحرب في الجبهات الأخرى وعلى رأسها الشمال في ظل التخفي عن إمكانية تسوية واسعة والدفع قدما بالخطة السعودية التي تمنح إسرائيل أفقا إقليميا جديدا، أو بكلمات أخرى: استمرار المراوحة القائمة (السياسية، الأمنية والاقتصادية) حيال الإمكانية الكامنة لترميم سريع في كل جبهة ممكنة؟

مسألة فيلادلفيا تكتيكية
إن خيار الوزراء بشأن فيلادلفيا مخيب للآمال، ليس فقط بسبب ضحالة البحث والتفكير وقصر النظر الاستراتيجي. بل بسبب أنهم اقتيدوا بعيون مفتوحة نحو هوة أخلاقية ومهنية. أخلاقية لأن معنى قرارهم هو التخلي عن المخطوفين، الذين تركتهم إسرائيل لمصيرهم في 7 تشرين الأول وتتركهم منذئذ في كل يوم من جديد، والآن، بقوة اكبر على خلفية الصفقة التي على جدول الأعمال. مهنيا، لأن جعل محور فيلادلفيا نقطة أرخميدس في أمن إسرائيل هو أمر غير جدي، على أقل تقدير. وبالتأكيد فيما أنه تقف بالمقابل جملة مسائل أمنية اكثر أهمية بأضعاف – من النوع الإيراني، عبر إمكانية الحرب مع «حزب الله» في الشمال، وحتى «الإرهاب» في الضفة الذي يرفع رأسه في الأسابيع الأخيرة إلى مستويات مقلقة.
إن البقاء في محور فيلادلفيا هو موضوع تكتيكي. فقد أوضح جهاز الأمن انه سيعرف كيف يعطي حلولا لخطر التهريب، وان الحديث على أي حال يدور حول موضوع قصير الموعد: ستة أسابيع من وقف النار في المرحلة الأولى من الصفقة لا يمكن     لـ»حماس» فيها أن تعود لاستخدام الأنفاق التي دمرت أو تحفرها من جديد. تستغرق هذه الأعمال شهوراً، وفي هذا الزمن، ستعرف إسرائيل كيف تنظم أمورها – سياسيا، عملياتيا وتكنولوجيا – كي تضمن ألا يتجدد طريق التهريب السريع تحت المحور.
إن القرار البقاء في فيلادلفيا يدل على أمرين: الأول هو أن بنيامين نتنياهو لا يريد الصفقة أو انه مستعد لأن يخاطر بالمخطوفين في انتظار صفقة كاملة لن تصل. والثاني هو أنه بخلاف تصريحاته العلنية ووعوده لعدد كبير من الزعماء في العالم، فإن إسرائيل تعتزم إبقاء الحكم في قطاع غزة، أي حكم مليوني فلسطيني مع كل ما يعني ذلك سياسياً (حيال الولايات المتحدة، أوروبا وأساسا مصر)، وأمنياً من (قوات كبيرة، قتلى كثر، عشرات أيام أخرى من خدمة الاحتياط لكل جندي في الضفة) واقتصاديا (مليارات الشواكل في السنة فقط وعشرات المليارات إذا ما اضطرت إسرائيل للإبقاء على غزة من ناحية مدنية أيضا).
على كل، لم يكن وزراء «الكابنت» مطالبين بأن يصوتوا على هذا. لم يسألوهم أيضا إذا لم يكن حان الوقت لتركيز الاهتمام على الشمال الذي يتعرض للضرب منذ 11 شهرا دون افق ودون أن يدخل حتى إلى أهداف الحرب، من ناحيتهم تقلص البحث إلى نعم/ لا فيلادلفيا، مسألة صبيانية ذكرت قليلا بدعوة الراحل أرئيل شارون في مركز «الليكود» «من مع تصفية الإرهاب».

معركة صراخ مع غالانت
من المقلق جدا أن نكتشف أن هكذا تدار الأمور في محفل يفترض أن يقرر مصيرنا. من المقلق أن رئيس الوزراء يحتقر هكذا وزراءه، ومواطنيه، ومن المقلق أن وزراءه مستعدون لأن يسمحوا بذلك. أقوال الوزير رون ديرمر في البحث عن أن «رئيس الوزراء يمكنه أن يفعل ما يريد، دلت على مزاج خطير في محيط نتنياهو، المقتنع بأنه حاكم وحيد من حقه أن يفعل بإسرائيل كما يشاء. وعليه فهو أيضا انجر (بخلاف طبيعته) إلى معركة صراخ مع وزير الدفاع يوآف غالانت: نتنياهو ببساطة غير قادر على أن يتعايش مع حقيقة أن أحدا يكشف عورته على الملأ، ولهذا فقد سارع أيضا للتصويت كي «ينتصر»، والى الجحيم بثمن هذا النصر.
يوم الجمعة صباحا، بعد بضع ساعات من التصويت خرج نتنياهو إلى مطعم في قيساريا. كان هذا استعراضا رهيبا لانغلاق الحس وانعدام التواضع دل كم هي واسعة الفجوة بين الزعيم المحب للاستمتاع والـ 107 مخطوفين الذي حسم مصيرهم قبل وقت قصير من ذلك.


عن «إسرائيل اليوم»

 

 

 

 

Loading...