مقالات مختارة

ماذا بعد حرب غزة؟ | أسامة سرايا

 

 

 

إسرائيل تحارب في غزة، وتقتل المدنيين، إسرائيل تحارب في الضفة الغربية، وتحاصر الفلسطينيين، الحروب تتسع في لبنان وسوريا واليمن، حرب غزة، ودماء الفلسطينيين التي سالت لن تضيع، كل هذا لم يشفِ غليل إسرائيل، فهي تفعل كل ذلك وعينها على القدس الشرقية، وإذا شئنا الدقة، عينها مصوبة نحو المسجد الأقصى، هذا المكان المقدس للمسلمين، مسرى نبيهم، وقبلتهم الأولى نحو الخالق، عز وجل، الإسرائيليون مازالوا يحلمون بجبل الهيكل منذ أن اختاروا وزيرا للأمن مثل بن غفير، هم اختاروه بعناية ليكون وزيرا للهيكل المزعوم، وحتى نرى بأنفسنا ماذا يحدث هناك، فقد اقتحم هذا الوزير المسجد الأقصى منذ صعوده لهذا المنصب 6 مرات، منذ أسندت له حقيبة الأمن مطلع 2023، منها ثلاث مرات منذ أكتوبر 2023، بعد قيام حرب غزة، أصبح تركيز بن غفير، على المسجد الأقصى، أو ما يطلق عليه اسم الهيكل اليهودى.

وبالفعل مهد بن غفير لأسطورته الجديدة التي فجرها في نهاية أغسطس الحالي، عقب الاقتحامات التي بدأها في أسبوع الاحتفالات بخراب الهيكل، كما يزعمون، بن غفير يريد أن ينشئ فى باحات الأقصى كنيسًا يهوديًا، هذا التصريح الذي تلفظ به الوزير الإسرائيلى، الإثنين 26 أغسطس 2023، ليس ككل تصريحاته الهوجاء، وليس جسًا للنبض، لكنه تلفظ بما يخططون له، قائلا: لو كان الأمر بيدي لوضعت العلم الإسرائيلى فى هذا الموقع، وأشار بيده إلى باحة المسجد الأقصى، وعندما واجهه الصحفي الإسرائيلى: هل ستبني كنيسًا في المكان، أجاب الوزير اليميني المتطرف، المتهم بـ 50 تهمة فى إسرائيل، والممنوع من السفر للخارج: نعم.

القانون المعروف باسم «ستاتيكو»، قانون دولى، هل تدري حكومة إسرائيل ذلك، من خلال حكم الدولة العثمانية، ويتعلق بالأماكن المقدسة حول الأقصى، المسجد بساحاته ومصلياته ومدارسه، ومعالمه المسقوفة وغير المسقوفة وكل ما يتعلق بالزيارة وممارسة الشعائر الدينية، والصلاة والسياحة، هي ملك خاص للمسلمين، ولهم حق إدارته في كل هذه النواحي، ويجب أن تبقى على حالها دون مساس، أو خرق.

لكن منذ أن صعدت هذه الحكومة المتطرفة، وهناك تصاعد خطير للانتهاكات التي تنفذها جماعات دينية متطرفة، تقودها جماعة الهيكل، لتغيير الأمر القائم، وبدأوا بالفعل يقتحمون الأقصى، ليس للزيارة، تغير الأمر فى السنوات الثلاث الأخيرة، فبدأوا يتعاملون مع باحة الأقصى باعتباره كنيسًا يهوديًا.

والأخطر من ذلك، أنهم سجلوا لجماعة متطرفة يرأسها عضو الكنيست الليكودي المتطرف موشيه ميفلين، والحاخام يوسف البارم، جماعة دينية تسمى باسم الهيكل، ورخصت وزارة الأديان لهذه الجماعة عملية اغتصاب لباحات الأقصى، بقوانين إسرائيلية تضرب الحقوق التاريخية للعرب والمسلمين، بملكية المقدسات الإسلامية، في القدس الشرقية وفي قلبها المسجد الأقصى، وباحاته المقدسة، هذه العملية المختلفة، تشرعن للمستوطنين كنيسًا على أرض الواقع، قبل أن يبنى، ولذلك لم تجئ تصريحات بن غفير، بما هو غائب عن المقدسيين، بل هو واضح لكل مقدسي، ولكل أهل فلسطين أن إسرائيل تستولي على المسجد المقدس للمسلمين بالتدريج، باستخدام سياسة الأمر الواقع.

ماذا نحن فاعلون، الإسرائيليون يغزون المسجد الأقصى، وليس القدس هذه المرة، هذا يحتاج تحركًا عربيًا وإسلاميًا على أكثر من صعيد، لكي نكشف للرأي العام العدوانية الإسرائيلية التي لا ترغب فى أن تهدأ هذا المنطقة على الإطلاق، وهى لا تدرى ماذا تفعل.

القدس للعرب والمسلمين، فهي ليست مدينة عادية، هي مقدسة، والأقصى له حرمة، لا تتخيلها إسرائيل لدى العرب والمسلمين، تحرك بن غفير، جاء مبكرًا ليرسل للعرب والمسلمين جرس إنذار خطيرًا، لما هو مقبل في الشرق الأوسط، والمنطقة العربية والتطورات والصراع على فلسطين يتحول إلى الصراع حول الأقصى قبلة المسلمين الأولى. 

إنه التفجير!!

 

عن الأهرام

 

 

 

 

Loading...