مقالات مختارة

العملية تزيد التحدّيات في الأردن | تسفي برئيل

 

 

 

يتركز التحقيق الأردني - الإسرائيلي المشترك في مقتل 3 حراس على جسر اللنبي على مسألة  تثير قلقاً في الأردن بصورة لا تقلّ عن القلق في إسرائيل. فهل المقصود هجوم منفرد خطّط له منفّذ العملية وبادر إليه؟  أم أن المقصود تنظيم معين، ومَن يقف وراءه؟
بيْد أن قلق الأردن مضاعف وأكثر تعقيداً. منذ بداية الحرب في غزة يخوض النظام في الأردن معركة مزدوجة: من جهة، حاول الملك الأردني إقناع إسرائيل، بالوسائل الدبلوماسية، بعدم غزو غزة، كما دان سياستها بحدة، واستدعى السفير الأردني، وقرر تجميد الاتفاقات التجارية والاقتصادية (مثل اتفاق الكهرباء الخضراء في مقابل المياه، والذي كان يجب على إسرائيل، في إطاره، تزويد الأردن بنحو 200 مليون متر مكعب من المياه، في مقابل 600 ميغاوات من الكهرباء). لكن من جهة ثانية، يواصل الأردن شراء الغاز من إسرائيل، على الرغم من مطالب الجمهور والبرلمان بإلغاء كل الاتفاقات مع إسرائيل. كما أن وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، هو من أشد المنتقدين لإسرائيل، ومن الذين طالبوا بمحاكمتها لارتكابها جرائم حرب...
ويشهد الأردن تظاهرات دائمة أمام السفارة الإسرائيلية في عمّان (على الرغم من عدم وجود طاقم السفارة هناك)... وكانت إسرائيل قررت "معاقبة" الأردن على تصريحاته ضدها، فمددت اتفاق تزويد الأردن بالمياه مدة 6 أشهر فقط، بدلاً من 5 سنوات، حسبما طالبت المملكة. ولا يوجد بين نتنياهو والملك عبد الله أيّ نوع من أنواع الحديث، لكن إسرائيل سمحت للأردن بتوزيع المساعدات على غزة جواً، وشارك في إحدى هذه العمليات الملك عبد الله نفسه، وهو يرتدي الزي العسكري...
وبعيداً عن المشاحنات الدبلوماسية، يشعر الأردن بالقلق من التداعيات السياسية للحرب في غزة على المملكة. وعندما بدأت إسرائيل بطرد آلاف السكان الفلسطينيين من منازلهم في غزة، وتخوفت مصر من أن يؤدي ذلك إلى اقتحام مئات الآلاف من الغزّيين لأراضيها، رأى الأردن كيف يمكن لآلاف السكان الفلسطينيين من الضفة الغربية البدء بالتدفق إلى أراضيه، ويزداد هذا القلق مع تعاظُم العمليات العسكرية في الضفة والمواجهات العنيفة بين المستوطنين والفلسطينيين، والتي تهدف، بحسب المحللين الأردنيين، إلى تنفيذ خطة الترانسفير. لقد التقى العاهل الأردني الرئيس بايدن، وأجرى معه ومع كبار المسؤولين في الإدارة عشرات المحادثات الهاتفية في هذا الشأن. ووفقاً لمصادر أردنية، حصل الملك الأردني على تعهدات أميركية بشأن عدم حصول عملية تدفُّق جماعي من الضفة الغربية إلى الأردن. لكن هذه التعهدات لم تنجح في تهدئة الملك والقيادة الأردنية التي تتخوف من الخطوات التي يقوم بها الوزير بن غفير في حرم المسجد الأقصى وتصريحات بتسلئيل سموتريتش...
وقع الهجوم في جسر اللنبي قبل 3 أيام من الانتخابات البرلمانية في الأردن، التي تثير الضجر عموماً، كما ينعكس ذلك في نسبة الاقتراع المتدنية في العام الماضي، والتي بلغت 29% فقط...
ينتمي المهاجم ماهر ذياب الجازي إلى إحدى العشائر الكبيرة والمهمة في الأردن، عشيرة الحويطات، وهي من العشائر الكبرى المؤيدة للنظام الهاشمي منذ أجيال. وهو من سكان بلدة أذرح في معان، وهي البلدة نفسها التي وُلد فيها هارون الجازي، قائد القوات الأردنية التي قاتلت ضد إسرائيل في حرب 1948، ومشهور الجازي، أحد كبار القادة الأردنيين الذين قاتلوا ضد إسرائيل في معركة الكرامة في سنة 1967.
من غير الواضح، حتى الآن، ما إذا كان انتماء سائق الشاحنة ماهر ذياب الجازي إلى "سلالة الشرف الوطني"، وإلى عشيرة تتمتع بكثير من النفوذ الوطني، شكّل حافزاً على القيام بهجومه، لكن هذا يضع ملك الأردن أمام تحدٍّ سياسي خطر...

عن "هآرتس"

 

 

 

كلمات مفتاحية::
Loading...