بقلم: إسحق بريك
أي شخص عاقل يعرف الوضع بشكل جيد حول الحرب في غزة يدرك ما يعرفه المستوى السياسي والمستوى الأمني: لا يمكن القتال في مخيمات اللاجئين في رفح على طول الحدود مع مصر دون المس بالسكان الأبرياء الذين يعيشون هناك. الحديث يدور عن المخيمات الأكثر اكتظاظاً في منطقة الشرق الاوسط، التي يوجد فيها حوالى 2 مليون لاجئ، معظمهم هربوا بتشجيع منا من شمال القطاع الى الجنوب، ولا يمكن التمييز بين من هو «حماس» ومن هو الغزي غير المشارك. حماس تسيطر بشكل كامل على السكان في مخيمات اللاجئين في رفح، وعلى التموين (الوقود والغذاء) الذي يتم الحصول عليه من المساعدات الانسانية ومن الانفاق المخترقة للحدود وتصل الى سيناء تحت محور فيلادلفيا، التي بواسطتها يتم تزويد حماس بالسلاح والذخيرة ووسائل الانتاج منذ سنوات كثيرة.
أي محاولة للسيطرة على مخيمات اللاجئين في رفح ستحتاج الى القتل الجماعي لغير المشاركين. والولايات المتحدة والعالم لن يسمحوا لنا بذلك. بناء على ذلك فان اسرائيل لن تتحمل المسؤولية عن القيام بمثل هذه العملية.
اضافة الى ذلك حتى الآن لا يوجد لدينا أي حل للانفاق التي توجد تحت محور فيلادلفيا (اغلاقها يحتاج الى اقامة جدار بطول 13 كم وبعرض 40 متر). في قطاع غزة بناء الجدار هو أمر غير ممكن لأن حماس لن تسمح بذلك. وفي الطرف المصري يمكن تقنياً بناء الجدار، لكن المصريين حتى الآن لا يوافقون على ذلك.
يمكن الفهم من كل ما قيل أعلاه بأن تحقيق الهدف الذي تم وضعه، اجتثاث حماس، لا يلوح في الأفق. ايضا تحقيقه آخذ في الابتعاد مع كل يوم يمر. اذا كانت هذه هي صورة الوضع هناك، حتى بعد اشهر أو بعد سنوات، فما هي جدوى الاستمرار في القتال في خان يونس وتحقيق انجازات صغيرة لن تؤدي الى تدمير حماس واجتثاث حكمها؟
هيا نحاول فحص الوضع الذي سنكون فيه بعد نصف سنة من الآن اذا واصلنا القتال في خان يونس ومخيمات وسط القطاع. سيكون هناك بضع مئات من القتلى وآلاف الجرحى، بمتوسط يتراوح بين 2 – 4 قتلى في اليوم، والكثير من المصابين باصابات خطيرة. معظم الاحتمالات تشير الى أن حماس لن يتم القضاء عليها وستواصل الحكم في مخيمات رفح وستكون لها طريق حرة من اجل الوصول الى شمال القطاع ووسط القطاع من خلال مئات كيلومترات الانفاق التي سنحتاج الى سنوات من اجل تدميرها، هذا اذا نجحنا حقا في ذلك. الآن يتجول رجال حماس الذين خرجوا من فتحات الأنفاق في مدينة غزة وفي جباليا التي قمنا باحتلالها، وهم يقومون حتى الآن بمحاربتنا ويوزعون الغذاء على غير المشاركين كما يشاؤون. المخطوفون لم نعد نستطيع اعادتهم على قيد الحياة الى بيوتهم من خلال الافتراض بأنه ضمن الظروف القاسية التي يعيشون فيها فان معظمهم لن يبقوا على قيد الحياة في نصف السنة القادم.
المعنى القاسي هو أن الجيش يمكنه أن لا يحقق الهدفين الاساسيين اللذين وضعا للحرب. الاول هو القضاء على قدرة حماس العسكرية والحكومية. الثاني هو اعادة المخطوفين على قيد الحياة الى بيوتهم. وعدم تحقيق هذه الاهداف ثمنه باهظ جدا: مئات القتلى وآلاف الجرحى، من بينهم باصابات خطيرة. من اجل أن لا نصل الى هذا الوضع العبثي فانه يجب تغيير النموذج، يجب الخروج من خان يونس ومخيمات وسط القطاع في المرحلة الثالثة للحرب الآن، ومحاصرة خان يونس من الخارج كما تقرر فعله في مدينة غزة. عند الحاجة نقوم بالقصف من الجو والانقضاض على قوات حماس بصورة جراحية، بمساعدة الاستخبارات الدقيقة، حتى لا تتمكن من رفع رأسها. الآن يجب اعتبار تحرير جميع المخطوفين الهدف الاسمى - الذي ما زلت اعتقد أنه يمكن تحقيقه – والذهاب بعيدا من اجل التوصل الى تفاهمات مع حماس حول اطلاق سراحهم على الفور حتى بثمن وقف القتال. وإلا فاننا لن نحقق أي هدف من هذه الاهداف.
عن هآرتس