ما بعد 7/10/2023 ليس كما قبله، فالعدوان على قطاع غزة جعل من السكان مواطنين ولاجئين جعلهم نازحين، وهذا العدوان والإبادة الجماعية جعلت هناك نوعان من النزوح، الأول هو نزوح داخلي أي في مناطق قطاع غزة أما النوع الثاني فهو خارجه وبالتحديد إلى جمهورية مصر العربية.
إن النازحين الفلسطينيين مثل أي نازح شعر بالخطر وتوجه إلى مكان ظنه آمن، إن كان هذا المكان داخل قطاع غزة أو خارجه، وفي حالات النزوح لأي بلد كانت يتم توفير جميع أنواع الدعم وتوفير متطلبات الحياة والأمن والأمان، لكن في الحالة الفلسطينية هنا لابد التوضيح بأننا لسنا دولة بل إننا نرزح تحت احتلال يعد الأطول في العالم، ويجب على الاحتلال توفير عوامل الأمن والأمان ومتطلبات الحياة لجميع النازحين وإشراف ومراقبة الأمم المتحدة.
القوانين الدولية والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف والمحكمة الجنائية الدولية.... كل ذلك باعتقادي لم يوضع ليطبق على الفلسطينيين وإذا ما قارنا ما يقدم لهم مقابل ما يقدم للأوكرانيين نجد أننا في حالة فريدة من نوعها بمعنى أننا لا ينطبق علينا تطبيق هذه القوانين والحماية وقت الأزمات، وتجد العالم مكبل أمام ما تمارسه آلة القتل الإسرائيلية وأن العالم لا يستطيع فعل شيء سوى الشجب والاستنكار وإن فعل غير ذلك اتهم بأنه معادٍ للسامية.
لا نريد أن نخوض في الكثير من الظلم الممارس على الفلسطينيين منذ وعد بلفور وعلينا أن نتحدث عن الحاضر فالحرب مستمرة واقتربت من عامها الأول والنازحين الفلسطينيين ما زالوا على حالهم في الداخل والخارج حتى في الخارج لا يوجد خدمات مقدمة من الأمم المتحدة بالتعاون مع الدولة المضيفة لهم وهذا أيضا يتعارض مع المواثيق الدولية ويعد انتهاك لحقوق النازحين الذين هربوا للبحث عن الأمان، أما النازحين في قطاع غزة فمصيبتهم أكبر وأخطر فهم لا يوجد مكان آمن ليستقروا فيه ولا تتوفر لهم أبسط مقومات الأمان بل معرضين للاستغلال من جميع الجهات ولا تسمح إسرائيل للأمم المتحدة بممارسة عملها داخل قطاع غزة ولا لممارسة عملها في تعرية إسرائيل والكشف عن ممارسات تجاه الأمم المتحدة ومؤسساتها.
نحن شعب تحت الاحتلال منذ أكثر من 76 عام مكبلين باتفاقيات فرضها العالم علينا ولم تنفذ، حتى القوانين الدولية الإنسانية لا تمارس علينا لحماية المدنيين من آلة القتل الإسرائيلية ولم يوفر الاحتلال أي شيء من الاتفاقيات التي وضعت للأراضي والشعوب المحتلة ويضرب الاحتلال الإسرائيلي بعرض الحائط وأمام مشاهدة العالم لجرائمه كل هذه القوانين والمواثيق ولا يستطيع العالم فعل شيء.
النازحين الفلسطينيين على يقين بأن أول المتطلبات التي يجب توفيرها هي الوحدة الوطنية الفلسطينية والاتفاق على برنامج يخدم الإنسان الفلسطيني أولاً والحفاظ على ما تبقى من كرامته ومن ثم وضع الثوابت الوطنية في الدرجة الثانية فلا يعقل أن يكون الأقصى أغلى علينا من طفل فلسطيني يقف ولا تجد منه شيء أو من أم فقدت أبنائها وزوجها أو رجال فقدوا أسرهم بالكامل أو طفل لم يمارس حياته الطبيعية بالنوم على سريره دون خوف وفزع أو بالذهاب إلى المدرسة، نحن الفلسطينيين لم نعش يوما به ما نتذكره سوى القتل والفقد والتشريد.
الإنسان أولاً ومن ثم الاوطان أرض دون سكان ليس لها قيمة بل هي صحراء وإن كانت جنة.
*باحث وكاتب، مسؤول المنتدى الأكاديمي الديمقراطي