كان هذا هو اليوم السياسي الأهم منذ 7 تشرين الأول. في ذروة حرب طويلة، وقبيل حسم دراماتيكي على الجبهة في الشمال، انكب رئيس الوزراء، أول من أمس، على خطوة سياسية غير مسبوقة: تنحية وزير الدفاع القائم، يوآف غالنت، وضم جدعون ساعر – أحد السياسيين الأكثر كرها على نتنياهو وعائلته – الى الحكومة، وذلك لتوسيع الائتلاف بأربعة نواب آخرين.
الاتصالات السرية التي جرت في محورين – ساعر شخصيا مع وزير العدل يريف لفين، والنائب زئيف الكين مع الحريديم – نشرت في وقت ابكر من المتوقع، وأدت بقدر كبير الى التجميد وإعادة احتساب الأطراف للمسار من جديد. اللغم الأساس كان الشرط الذي طرحه ساعر على نتنياهو اثناء المفاوضات: الانضمام الى الحكومة فقط مقابل حقيبة الدفاع. وقالت مصادر في «الليكود» ان نتنياهو أبدى مرونة وكان مستعداً لأن يتخذ خطوة مزدوجة تتمثل بتنحية غالنت وتعيين ساعر، لكنه في اللحظة الأخيرة «ارتعدت فرائصه» وتراجع، وذلك أغلب الظن بتأثير عقيلته وابنه. صحيح أنه حتى كتابة هذه السطور تواصلت الاتصالات بين ساعر ونتنياهو. غالنت، الذي ادار خلال النهار مداولات مشتركة ومغلقة مع نتنياهو، لم يسمع منه ولو كلمة واحدة عن إمكانية تنحيته. طارت التقارير من فوق رأسه فيما أدار نتنياهو نفسه الاتصالات السياسية من خلال بطاقات وهمسات مستشاريه، بينما كان غالنت في الغرفة.
الصفقة مقابل قانون التجنيد
وتأتي التنحية المرتقبة أيضا على خلفية معارضة وزير الدفاع تأييد الصفقة السياسية لنتنياهو والحريديم لاقرار قانون التجنيد أي الاعفاء من التجنيد. غالنت ورئيس لجنة الخارجية والأمن يولي ادلشتاين يرفضان ان يكونا جزءا من صفقة سياسية تعفي من التجنيد، وقد فهم نتنياهو بان محور غالنت – أدلشتاين يجعل من الصعب جدا عليه أن يفي بالوعود للحريديم.
اثناء الاتصالات أجرى الكين مفاوضات مع الحريديم الذين قالوا انه سيسهل عليهم تأييد تعيين ساعر اذا أيدت كتلته قانون تجنيد يكون مقبولاً على الأحزاب الحريدية. رغم الاتصالات، في حزب ساعر نفوا الادعاءات. «لم تجر أي مفاوضات على قانون التجنيد»، كما جاء عنه، «موقفه كان ولا يزال هو ان كل تشريع ينبغي أن يستند الى احتياجات الجيش وينسق مع جهاز الأمن».
التأييد والنقد
تلقى ساعر، أول من أمس، تأييداً من ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. ونشر نواب صغار في «الليكود» الواحد تلو الآخر بيانات تدعو نتنياهو لتنحية غالنت وضم ساعر. وشرح مصدر في «الليكود» بان هذه مصلحة سياسية ضيقة: نواب من الصفوف الأخيرة في «الليكود» يقدرون بان ساعر سيمنح استقراراً سياسياً للائتلاف حتى الانتخابات في تشرين الثاني 2026. انتخابات مبكرة قد ترحلهم الى بيوتهم.
لكن خطوة نتنياهو حظيت، أول من أمس، بالنقد من داخل الائتلاف ومن داخل «الليكود» أيضا. فقد قال وزير رفيع المستوى ان «نتنياهو وساعر يعقدان صفقة سياسية في ذروة الحرب – اعفاء من التجنيد مقابل حقيبة الدفاع»، فيما سخر مسؤول كبير آخر في الائتلاف قائلاً: «اذا استبدل وزير دفاع في الحرب فسيكون صعباً التفسير لماذا لا تستبدل كل الحكومة». وادعى مصدر في «الليكود» بان نتنياهو يعمل باعتبارات سياسية تهكمية وان ساعر ليس مناسبا على الاطلاق لمنصب وزير الدفاع: «فاستبدال وزير دفاع في منتصف الحرب لأجل تعيين غِر ليس لديه أي فهم عسكري هو انتحار».
في المعارضة هاجموا الخطوة بشدة وحذروا من الضرر الأمني. وقال بيني غانتس ان هذا انقطاع عن الواقع. ينشغل رئيس الوزراء بخلطات حقيرة وباستبدال وزير دفاع قبل معركة قوية في الشمال». اما يئير لبيد فنشر سلسلة تصريحات تعهد ساعر فيها في الماضي ألا ينضم مرة أخرى الى حكومة نتنياهو.
مصلحة ساعر
اختفى النواب الأربعة من اليمين الرسمي، أول من أمس، عن الأنظار. مستشارون وناطقون قطعوا الاتصال. فقد أمر ساعر بتعتيم كامل على الاتصالات. وكان له سبب وجيه: هذه المرة كانت الاتصالات جدية ومهمة، بخلاف النفي القاطع الذي أصدره ساعر في الأسابيع الأخيرة.
كما اسلفنا في الماضي تعهد الا يرتبط بنتنياهو، لكن ساعر فهم في الأيام الأخيرة بان نتنياهو مصمم على اقالة غالنت فقرر تسريع الاتصالات كي يتلقى حقيبة الدفاع. «ليس واضحا على الاطلاق هل هذه هي إعادة لنواب اليمين الرسمي لليكود، لكن في هذه المرحلة من المؤكد أن الحديث يدور عن انضمام الكتلة الى الائتلاف». وادعى مسؤول كبير في «الليكود» بأن ساعر معني بالعودة الى «الليكود»؛ لأنه يفهم بأن هذا هو السبيل الوحيد ليكون مرشحاً لرئاسة الوزراء في حال اضطر نتنياهو للاعتزال او الاستقالة.
عن يديعوت