مقالات مختارة

حرب لبنان: سلطة نتنياهو «المجنونة» تكذب على الشعب | تسفي برئيل

 

 

 

تندفع إسرائيل بعيون مفتوحة إلى حرب خيار في لبنان، فيما ليس معلوماً من سيكون وزير الأمن الذي سيقودها، ومستوى جاهزية الجيش الإسرائيلي غير واضح، والجبهة الخلفية الدولية هشة أكثر من أي وقت مضى، والجبهة الداخلية مدمرة.
إذا كانت حكومة الضياع تخلت حتى الآن فقط عن غلاف غزة ومستوطنات الجليل، فإنّ الحرب في لبنان لن تستثني أي مستوطنة.
سيقضي المواطنون المحظوظون أيامهم ولياليهم في غرف محصّنة خانقة، فيما سيركض آخرون على السلالم أو يبحثون عن ملجأ تحت الأشجار والحجارة، وستغلق المطارات، وستنهار المستشفيات في البلاد، وستغلق المدارس ورياض الأطفال، وسيهجر عشرات الآلاف من الموظفين عن أماكن عملهم.
وستكون هذه مجرد البداية. الأسرى الذين أصبحوا بالفعل فائضاً مزعجاً وعبئاً ثقيلاً يحول دون "النصر المطلق" يمكن نسيانهم. وستخرج جثثهم واحدة تلو الأخرى من الأنفاق، ومن المشكوك فيه أن يكون لهم مراسم تأبين، فكيف سيكون الوقت مناسباً لمثل هذه المراسم عندما تشعل حرب لبنان النار في كل إسرائيل!
هذا ما تبدو عليه الحرب الشاملة. لمن يتوقعون حرباً خاطفة ستدمر "البنى التحتية" لـ "حزب الله" في غضون أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، فهم مخطئون.
تجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة، هذا الأسبوع، وبعد مرور عام تقريباً، تذكرت "تحديث" أهداف الحرب، وأضافت إليها العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم. لم يكن هذا الأمر هدفاً حتى الآن. وما الأهداف الأخرى؟ تدمير البنية التحتية لـ "حزب الله" أو ربما "ترتيب جديد" في لبنان؟
طوال 18 عاماً، غرقت إسرائيل في المستنقع اللبناني حتى أدركت أنّ المفهوم الذي دفعها إلى غزو لبنان في العام 1982 أفلس بالفعل في الأشهر الأولى من الحرب. إنّ توقع قيام انتفاضات مدنية في لبنان لإجبار "حزب الله" على وقف النار والإعلان عن أنّه أخطأ هو أمر وهمي تماماً مثل التوقع بأن سكان غزة سوف يتمردون ضد "حماس". وبدلاً منها، يمكن أن نتوقع "تمرداً" دولياً سيفرض عقوبات وحظراً على الأسلحة على إسرائيل، وستكون إسرائيل بالطبع قادرة على مواصلة "القتال بأظفارها"، بحسب بشارة بنيامين نتنياهو المشجعة.
ربما تحلم إسرائيل بإعادة إنشاء "الحزام الأمني" في لبنان أو نسخ أسلوب المنطقة العازلة الذي يحيط بقطاع غزة وإبعاد أي تهديد، وهذا يعني احتلالاً طويل الأمد داخل لبنان، ما يعني تكرار الخطأ نفسه وتوقع نتائج مختلفة. ومن المحبذ أن نتذكر أيضاً أنّ الوجود المكثف للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية لم يجلب السلام، وفي لبنان القصة أكثر تعقيداً مما يحدث هناك أو في غزة. لن يكون هذا الأمر كافياً لإخراج "حزب الله" من الحدود أو حتى نهر الليطاني. المنظمة لديها خلفية عسكرية صلبة ومُهددة شمال الليطاني، ولا تعتمد قنوات إمدادها وتسليحها على محور فيلادلفيا لبناني، ولم نتحدث بعد عن التدخل الإيراني المحتمل.
هذا السيناريو الكابوس قد لا يتحقق بالضرورة. إنّ نافذة الفرصة الدبلوماسية لم تُغلق بعد. صفقة الأسرى لا تزال سارية، والثمن سيكون أقل من أي حرب طموحة تبادر إليها إسرائيل في لبنان، وقد توفر حرباً أخرى غير ضرورية.
صفقة كهذه مطروحة على الطاولة، ومن الممنوع الاغترار بخدعة أنّ الحرب في لبنان هي حرب "لا خيار" أو أنها "فُرضت علينا". هناك خيار، وهناك مخرج. الواقع المأساوي لن يتضح إلا في لجنة التحقيق الرسمية التي ستُشكل بعد حرب لبنان الثالثة؛ الحرب التي ستوضح أنّ التهديد الوحيد المفروض علينا هو السلطة المجنونة.

عن هآرتس

 

 

 

Loading...