عوّد السيد حسن نصر الله جمهور متابعيه الواسع من مؤيدين ومعارضين، على أن كل خطابٍ يحمل جديداً يعزز الثقة بالسيد وقدراته وصدقية وعوده.
غير أن الجديد في هذا الخطاب وما لم يكن متوقعاً، هو اللا جديد في محتواه.
كان خطاباً هادئاً وحذراً وجريحاً، لم يهوّن مما حدث ولم يهوّل في وعود الرد.
الخطاب قال ما يجسّد واقع الحال... اعترافٌ بتفوق الخصم في القدرات والإمكانيات، وتكرارٌ لتفوق الحزب في الإرادة ومواصلة القتال، وفق مبدأ حتمية انتصار الدم على السيف.
من هنا ذهب السيد حسن نصر الله، إلى مكان يوفر صدقية للإرادة..
مثلاً.. دعا الجيش الإسرائيلي إلى منازلة على أرض الجنوب، كردٍ على تهديد قائد الجبهة الشمالية الإسرائيلي، بإقامة منطقة عازلة على الأراضي اللبنانية.
كذلك... تحدى إسرائيل في تأكيده على عدم الفصل بين جبهة غزة وجبهة جنوب لبنان، مكرراً المبدأ القديم.. توقفوا هناك نتوقف هنا.
كذلك.. تحدى إسرائيل في مسألة الهدف الأكثر إلحاحاً لحربها على الجبهة الشمالية، وهو إعادة المهجرين إلى بيوتهم، بعد إعادة حزب الله إلى الخلف وإنهاء التهديدات التي حملتهم على الهجرة.
خلاصة الخطاب... أن بقاء الحزب على القواعد التي تحكم حربه التضامنية مع غزة، هو الرد الأساسي، دون أن يغادر منطقة الالتزام بعدم القيام بأي فعل دراماتيكي يوسع مساحة الاشتعال إلى حد الانجرار إلى حربٍ إقليمية، تاركاً المبادرة في هذا الاتجاه لإسرائيل.
لقد اعتبر السيد نصر الله أن ما فعله حزبه ومعه قوى الممانعة، على مدى شهور الحرب الطويلة، هو ردٌ كافٍ على تواصل العدوان الإسرائيلي.
خطابٌ كهذا لم يرضي الجمهور، الذي تعود على مفاجآت السيد، إلا أنه أرضى المعادلة التي تحول دون توسيع الاشتعال.
الكرة الآن في الجانب الإسرائيلي، الذي لم يتأخر في الرد على الخطاب، ويمكن اختزاله بكلمات قليلة "الحرب مستمرة على غزة، وعلى حزب الله كذلك، وعلى كل مصدر من مصادر الخطر على إسرائيل، إلى أن يتحقق نصر نتنياهو المطلق".
السيد أعلن تواصل الحرب التضامنية مهما كان الثمن، ونتنياهو يواصل الجري وراء انتصاره المطلق، وهذه خلاصة الموقف حتى إشعارٍ آخر لا يعرف مداه.