هو أشبه بفيلم رعب عاشه اللبنانيون منذ يوم الثلاثاء الفائت.
في الوقت الذي بدأ الحزب بتحقيقاته الداخلية للوقوف على أسباب الخرق ومن يقف خلفه، تستعدّ الدول الغربية لعمليات إجلاء ممكنة لرعاياها في لبنان. وعلى الرغم من ارتفاع أصوات طبول الحرب لا تزال النافذة مفتوحة أمام الحلّ الدبلوماسي القائم على فصل جبهة الجنوب عن جبهة غزة، والذهاب إلى تطبيق القرار 1701.
تحقيقات الحزب: خرق على أكثر من مستوى
المصاب كبير جداً لكنّه لم يمنع قيادة الحزب من التقاط أنفاسها والشروع بتحقيق على أكبر المستويات لتحديد مستوى الخرق الذي أصاب بنية الحزب.
– أوّلاً: التحقيق في عدم اكتشاف المادّة المتفجّرة في جهاز البايجر على الرغم من مرورها عبر الجهاز الأمنيّ للحزب. وهذا الأمر لا يعني فقط الإهمال بل يعني أيضاً أنّ الموساد يملك معلومات داخلية عن تقنيّات الحزب الأمنيّة.
– ثانياً: التحقيق في مستوى خرق الشبكة الداخلية، بعدما تأكّد الحزب من وجود اختراق معيّن في شبكته المقفلة. وهذا يعني أيضاً وجود عملاء من مستويات عالية استطاع الموساد تجنيدهم لخرق الشبكة.
مصادر مقرّبة من الحزب تقول لـ”أساس” إنّ الحزب يجري تحقيقاً واسعاً وصارماً وهو يدرك أنّ نسبة العمالة في البيئة الحاضنة واللصيقة به أصبحت مرتفعة، وتعدّى ذلك إلى الدائرة الضيّقة لقيادات الحزب وإلّا لما كان حصل هذا الخرق بهذا الشكل.
الحلّ موجود: فصل الجبهتين
قالت مصادر دبلوماسية لـ”أساس” إنّ الحلّ الدبلوماسي لا يزال متاحاً، وهو القبول بالمقترح الأميركي الذي جاء به هوكستين إلى المنطقة مراراً، والقائم على فصل جبهة الجنوب عن جبهة غزة، والذهاب إلى مفاوضات للتوصّل إلى اتفاق حدودي يحقّق الأمن المستدام للحدود، وتطبيق القرار 1701 من الجهتين، أي أن يتراجع الحزب بسلاحه عن الحدود إلى ما وراء الليطاني وأن تنسحب إسرائيل من الأراضي المحتلّة وتمتنع عن خروقاتها الجوّية.
هذا المسار سبق أن عُرض على الحزب عبر أكثر من وسيط. وفي المعلومات أنّ الحزب سبق أن أبلغ هوكستين، عبر الرئيس نبيه بري في رسالة خاصّة من قيادة الحزب، أنّه موافق على تطبيق القرار 1701 لكن بعد وقف إطلاق النار في غزة.
هنا تكمن المشكلة، إذ إنّ موقف الحزب هذا انسحب على الحكومة اللبنانية التي أقرّت ورقتها لجهة تطبيق القرار الأممي، وتبنّت موقف الحزب بتأكيد “إيمانها أنّ الأعمال القتالية لن تنتهي قبل انتهاء حرب غزة”.
الحزب حسم أمره
واحدة من المهامّ التي تعمل عليها الدبلوماسية الدولية في هذه المرحلة هي إيجاد مخارج لفصل الجبهتين. وفق مصادر دبلوماسية لـ”أساس”، مسار غزة طويل ولا يمكن وقفه ما لم يتراجع رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن مخططه للقطاع. وهو قد بدأ فعلاً بتنفيذ المخطّط بالسيطرة على شمال القطاع وعلى المعابر. وبالتالي ربط جبهة لبنان بغزة سيقود إلى تكرار حرب غزة على لبنان للوصول إلى اتفاق.
في الخلاصة، سيكون الوصول إلى اتفاق حدودي حتميّاً، تقول مصادر دبلوماسية. أمّا الطريق إليه فمختلف: إمّا بوقف الحرب حاليّاً وفصل الجبهتين والذهاب إلى مفاوضات، وإمّا بحرب على لبنان ستقود حتماً إلى تنفيذ ما لم ينفّذ في الاتفاق الذي أبرم بعد حرب تموز 2006.
ختاماً، يبدو أنّ خيار الحزب واضح حتى الساعة بعدما أكّد أمينه العام حسن نصرالله أنّ لا فصل بين المسارين مهما كان الثمن. هذا الكلام سيقود لبنان إلى استمرار الحرب المفتوحة من أي أفق، لأنّ نتنياهو بحسب كل المراجع الغربية والعربية، لم يتراجع عما حققه في غزّة.
مصادر مقرّبة من الحزب قالت لـ”أساس”، أنّ ما ينتظره الحزب في غزّة هو أي تفاهم توافق عليه حماس، وطالما المواجهة هناك قائمة، المواجهة هنا ستكون كذلك أيضاً.
عن موقع أساس