سجلت إسرائيل في فلسطين ولبنان، وفي كل حروبها أرقاماً قياسية في القتل والتدمير، ولقد أدينت من قبل دول العالم بالإفراط في استخدام القوة، سواء زمن الانتفاضات الفلسطينية، أو في الحروب التي تلتها على الضفة وغزة، والتي شنتها على لبنان قبل ما أسمتها بحرب سلامة الجليل، وما بعدها.
وفي أيامنا هذه، تجاوزت كل الأرقام القياسية التي سجلتها في الحروب، بما في ذلك الحرب المستمرة على غزة، حين قتلت على جبهة لبنان المئات في ساعات معدودات، وجرحت الآلاف بما لا يعد ولا يحصى، وهجرت مئات الألوف داخل البلد وخارجه.
لم يسأل مدمنو القتل والدمار في إسرائيل إلى أين سيصلون جرّاء كل هذا، حتى أنهم لم يكلفوا أنفسهم حصر خسائرهم المادية والسياسية والأخلاقية التي تكبدوها دون أن يصلوا إلى نقطة تهيئ لهم أنهم اقتربوا من الحسم الذي يريدونه، بل إنهم في واقع الأمر يبتعدون عنه.
خسروا فرصة كادت توفر لهم عضوية طبيعية في منظومة دول الشرق الأوسط، وخسروا صورة تباهوا بها طويلاً أمام العالم كواحة للديموقراطية والحضارة، فإذا بهم يمثلون أمام محكمة العدل الدولية بتهمة القتل الجماعي، ويلاحق قادتها من قبل محكمة الجنايات.
وخسروا تعطل مرافقهم جميعاً من المطار إلى المزارع والمصانع والاستثمارات، وخسروا ما هو أهم من ذلك بكثير وهو ثقة سكان الدولة بقدرتها على حمايتهم، وثقة يهود العالم بأن إسرائيل هي ملاذهم الآمن.
كل ذلك أنتج معادلةً ستظل تعاني منها إسرائيل إلى ما لا نهاية.
الإفراط في استخدام القوة والإفراط في الخسارة بلا حسم.