تكتسي أيام القتال ضد "حزب الله" حتى الآن صورة الإنجاز للجيش الإسرائيلي الذي يجبي ثمناً باهظاً من المستوى العملياتي لمنظمة "الإرهاب"، ويعطل صواريخ ومنصات أعدت على مدى سنين. لكن لأجل إنهاء المهمة دون التورط يجدر بنا أن نتعلم درساً مما يجري من قتال منذ سنة في غزة.
بدأت الحرب في غزة أيضاً بإنجازات عسكرية وبدعم الولايات المتحدة، لكن نبع التورط من أن إسرائيل تأخرت في عرض صفقة لإنهاء الحرب. فقد كان هذا ممكناً في الأشهر الثلاثة ما بعد صفقة المخطوفين الأولى، في تشرين الثاني، حين كان السنوار يخاف مما كان من شأن إسرائيل أن تفعله في غزة، وكذا من إمكانية أن تدخل جهة بديلة إلى هناك للحكم بدلاً منه.
في المرحلة ذاتها بحث السنوار عن كل إمكانية لوقف الحرب، وإن كان لزمن ما (ولهذا فقد وافق على الصفقة الأولى التي لم تقدم له إلا هدنة في ظروف مريحة لإسرائيل).
غير أنه بدلاً من استغلال اللحظة المناسبة، مثلما اقترح في حينه السعوديون والأميركيون، والبحث في أعقاب الصفقة الأولى، عن مخرج سياسي، واصلنا الضرب – ولاحقاً الإصرار على فيلادلفيا – إلى أن لم يتبقَ لـ "حماس"، المنهارة، وللسنوار، الذي ينحشر في الأنفاق منذ سنة، ما يخسرونه. والنتيجة هي أننا اليوم، دون الاعتراف بذلك رسمياً، من ننتظر منهم أن يوافقوا على صفقة كي نتوقف في غزة ونهدئ الشمال.
الدرس هو أننا يجب أن نعرف كيف ننهي القتال مع "حزب الله" في الزمن المناسب والأقصر.
والسبيل المناسب لذلك هو مواصلة ضربهم بقوة من الجو، وبالتوازي نقل رسالة، للبنان ولـ "حماس" على حد سواء، بأننا من ناحيتنا مستعدون للتوقف في غزة مقابل كل المخطوفين.
إن إمكانية إنهاء الحرب في غزة ستمنح نصر الله المضروب الذريعة لتبرير استعداده لسحب قواته.
من المعقول أنه في مثل هذا الوضع سيضغط نصر الله نفسه على السنوار للموافقة على الصفقة بسرعة، كي يفقد "حزب الله" أقل ما يكون في الشمال.
صحيح أن نصر الله يمكنه أن يعرض نفسه كمن دافع عن "حماس" والسنوار وسيقول إن "حماس" نجت، لكن سكان الشمال سيتمكنون من العودة إلى بيوتهم عندما يكون "حزب الله" منسحباً ومضروباً.
والسنوار هو الآخر، الذي سيبقى في كل الأحوال هدفاً للتصفية، لن يخرج منتصراً، كما عرض نفسه في الجولات السابقة.
هذه المرة غزة تنهار. عملياً، مصيره خارج الأنفاق سيكون أسوأ من مكانته في المخبأ.
إذ من المعقول أنه بعد أن يعود الغزيون إلى بيوتهم المدمرة سيتعاطون مع السنوار كما تعاطى الفلسطينيون مع الحاج أمين الحسيني الذي قادهم في الـ 1948: الزعيم الفاشل الذي جلب عليهم نكبة.
إذا لم نعرف كيف نرفع اقتراحاً للإنهاء في غزة بالتوازي مع العمليات في لبنان، وبافتراض أن نصر الله لن يستسلم حتى لو تلقى ضربات قاسية، سنضطر لنختار المناورة البرية، وعندها أيضاً سنفقد رافعة التهديد الأساس على لبنان كما سنغرق في شهور أخرى من الحرب في جبهتين.
مثل هذا الوضع، حتى لو انتصرنا في الحربين في النهاية، سيئ لإسرائيل.
في حياة الدول، مثلما في حياة الناس، توجد أحياناً أوضاع معقدة تكون فيها مصلحتهم تتطابق لحظة أيضاً مع مصلحة الخصم.
الحياة ليست لعبة محصلتها صفر. في هذه اللحظة – طالما كانت إسرائيل لا تتطلع، وعن حق إلى حرب إقليمية – توجد لـ "حماس"، و"حزب الله"، وإسرائيل مصلحة مشتركة لإنهاء الحروب.
من يعرف كيف يربط هذا بمصلحته سيكون المنتصر. وأساساً لأنه من المهم الإظهار بأننا منذ الآن قوضنا "حماس"، وعاد "حزب الله" سنوات إلى الوراء.
وعليه فإن القتال في لبنان يجب أن يتم على خلفية اقتراح إسرائيلي لإنهاء الحرب في غزة يؤدي إلى أن نصر الله من سيضغط، من خلف الكواليس، على السنوار للموافقة على صفقة.
إذا ما جررنا إلى مناورة برية، وإن كان "حزب الله" و"حماس" سيتعرضان لمزيد ومزيد من الضربات إلا أنه في السطر الأخير، كدولة محبة للحياة علقت في الحرب الأطول في تاريخها، فإننا سنخسر.
عن يديعوت