مقالات مختارة

خيارات إسرائيل تتراوح بين السيئ والأسوأ: لنجرّب تصفية نصر الله | آفي يسسخروف

 

 

 

تتراوح الإمكانيات التي تقف أمامها إسرائيل في الواقع الحالي في الحدود الشمالية، مثلما الوضع في قطاع غزة، بين السيئ والأسوأ. فلا بدائل أو حلول جيدة لمشكلة نشأت بعد لحظة من 7 تشرين الأول، عندما قرر أمين عام "حزب الله"، حسن نصر الله، تثبيت ارتباط واضح ومباشر بين وضع إسرائيل مع "حماس" وبين قتال منظمته ضد إسرائيل.
لا يوجد في هذه اللحظة طريق واقعي لقطع هذا الارتباط. فضرب إسرائيل لآلاف النشطاء من "حزب الله" بوساطة أجهزة البيجر المفخخة، كما زعم في وسائل الإعلام الدولية والغربية، وقصف مخازن السلاح وغيرها، وتصفية القيادة العليا لـ"حزب الله" وقوة الرضوان، كل هذه من غير المتوقع أن تجبر نصر الله على تغيير قراره أو نمط عمله، فمصلحته ستكون الآن في أن يثبت بقاءه، ولا يهم ماذا سيكون الثمن، ولهذا فهو يعمد في الإجمال ليطلق بين الحين والآخر صواريخ نحو أهداف في إسرائيل أو بكلمات أخرى، استنزافنا.
نصر الله لا يمكنه أن يتخذ صورة من استسلم لليهود أو لضغط عسكري، ولهذا فهو يوضح بأنه سيواصل العمل طالما لا يوجد وقف نار مع غزة.
لا ينبع قرار نصر الله هذا من مصلحة أمنية أو سياسية للبنان أو حتى لـ"حزب الله"، ولا حتى لإيران.
لقد سعى نصر الله ليتخذ صورة الدرع للفلسطينيين وليس فقط الدرع للبنان. فلعله حسد يحيى السنوار على نجاحه في إثارة حماسة الجماهير، وسعى ليتخذ صورة من يدعمه حتى لو جاء الأمر من بعيد، وبشكل متردد قليلا، في البداية على الأقل.
وقد بدأ هذا بإطلاق مضادات الدروع نحو بلدات الشمال ونجح، حيث تم إخلاء منطقة الحدود، وخلق "شريط أمني" إسرائيلي، ما خلق لديه قناعة زائدة وملموسة في أنه محصن من الإصابة. فصعد خطواته العسكرية انطلاقا من التفكير بأن إسرائيل ضعيفة للغاية إلى أن قررت إسرائيل تحطيم قواعد اللعب والإثبات له كم أخطأ في فهم ما يجري، تماما مثلما فعل في 2006.
إن استمرار الأعمال العسكرية الإسرائيلية، بهذه القوة أو تلك، لن يؤدي إلى تغيير قرار نصر الله.
ولا حتى تشديد القصف أو كبديل أعمال برية إسرائيلية. وحتى احتلال أجزاء من لبنان حتى الليطاني ودفع رجال "حزب الله" إلى ما وراء النهر لن يؤدي إلى وقف نار مطلق، وسيواصل "حزب الله" إطلاق النار نحو إسرائيل من منصات تقع عميقاً داخل الأراضي اللبنانية. الطريق الوحيد، الذي قد يغير الوضع الحالي، سيكون المس بالرجل نفسه، بأمين عام "حزب الله" منذ 1992 (32 سنة) الرجل كلي القدرة في المنظمة، والذي يحظى بمكانة النجم الأعلى بين الشيعة ولبنان وبين الشيعة في العالم.
إن ربط نصر الله التوجه إلى وقف نار في هذه المرحلة ينبع أساسا من اعتبارات شخصية تتعلق بالمكانة والاعتبار الذي له في العالم العربي الإسلامي، أي الشرق.
يحتمل أن تشق إزالته الطريق بالذات لتسوية سريعة نسبيا. غير أنه هنا أيضا ينبغي أن تقال الحقيقة: لا يوجد هنا حل سحري. فخليفة نصر الله، هاشم صفي الدين (60 سنة)، وهو ابن خاله، من شأنه أن يبدو أكثر "تطرفاً" حتى من نصر الله، مثلما حصل في "حزب الله" بعد أن صفت إسرائيل في العام 1992 عباس موسوي.
يسعى صفي الدين بداية ليثبت أنه مصمم وكفاحي بقدر لا يقل عن نصر الله، ولن تكون له المكانة ذاتها لمكانة الأخير؛ فهو سيكون أقل ارتباطاً بالتعهدات تجاه الفلسطينيين.
ليس مؤكدا على الإطلاق أن لإسرائيل القدرة على المس بنصر الله. لكن المس به يمكنه أن يغير المعادلة، وأن يهز المنطقة.
من شأن هذا أن يؤدي بـ"حزب الله" ليطلق صواريخ أكثر كثافة نحو المركز في المدى الزمني المنظور، لكنه سيجبر قيادة المنظمة المتبقية ومعها القيادة الإيرانية ليعيدوا احتساب المسار. فالارتباط بقطاع غزة و"حماس" السُنية لا يخدم بالضرورة مصالح الشيعة بصفتهم هذه، وبالتأكيد لا يخدم إيران الآخذة بالاقتراب من قنبلة نووية، ولن تساعدها الحرب الإقليمية في ذلك.
في هذه الأثناء في الجنوب تقترب دولة إسرائيل من ذكرى 7 تشرين الأول. تراوح خلال هذه الحرب على الأقل في هذه المرحلة مكانها، ويحتمل أن يكون المطلوب خطوات متطرفة أكثر لأجل التجسيد للفلسطينيين ولـ "حماس" بخاصة حجم الضربة التي تلقوها.
لا ينبغي استبعاد إمكانية أن يخرج الجيش الإسرائيلي إلى حملة واسعة لمناطق مختلفة في قطاع غزة، لخلق معادلة على نمط "وثيقة الجنرالات"، أي دفع السكان إلى هروب واسع من كل المنطقة شمال وادي غزة، بما في ذلك المدينة باتجاه الجنوب، وبذلك إفراغ أرض واسعة ومأهولة بالسكان في القطاع.
من شأن هذه أن تكون ضربة قاضية لـ "حماس"، التي ستواصل على أي حال التمترس في جنوب القطاع والادعاء بأنها انتصرت، بينما ستكون هزيمتها واضحة وقاسية، حيث تصدح في كل أرجاء الشرق الأوسط.

عن يديعوت

 

 

 

Loading...