أعداؤنا في غزة ولبنان سقطوا على الأرض، لكن لم يتم تفكيكهم بعد، لذلك فإن مهمتنا لم تنتهِ بعد.
تقود «حماس» حرب عصابات داخل مجتمع داعم بأغلبيته، وتديره سياسياً عبر السيطرة على المساعدات.
ولا يزال «حزب الله» ميليشيا، وحزباً يمثل طائفة قوية في لبنان. وخلال كتابة هذه الأسطر لا تزال قواته تهدد الحدود الشمالية، ولا تزال لديه قدرات للهجوم بالصواريخ والقذائف.
ولدى إسرائيل مصلحة استراتيجية طويلة المدى وضرورية في إبادة «حماس» كلياً، على الصعيدين العسكري والحكومي. كما لديها أيضاً مصلحة ضرورية استراتيجية في إبعاد «حزب الله» على الأقل عن حدودنا، وتفكيك قدراته الهجومية بالصواريخ والقذائف، فضلاً عن أن تفكيك ترسانة الصواريخ الإيرانية - اللبنانية هي أيضاً مصلحة عليا من أجل نزع قدرة إيران على ردع إسرائيل عن ضرب مشروعها النووي الخطِر.
وإن طريقة العمل الوحيدة التي يمكن أن تستجيب لحاجاتنا الضرورية هذه في الجبهتين؛ قطاع غزة وجنوب لبنان، هي الاحتلال، والسيطرة على الأرض، وفرض حكم عسكري، والاقتحامات لإحباط «الإرهاب» وتفكيك القدرات.
ومن دون الاحتلال والحكم العسكري فلن تفيدنا أي رؤى سياسية غير عملية بشأن «اليوم التالي» قبل وصوله، سواء في قطاع غزة، أو في جنوب لبنان؛ فدولة لبنان لا يمكنها مساعدتنا هنا، حتى لو كان ذلك بمساعدة قوة ائتلاف دولي، وخصوصاً أن إيران لا تزال لديها جهات في لبنان، وما زال «حزب الله» يعتمد عليها وعلى الطائفة الشيعية، ويهدد حكومة لبنان بسلاحه، فالدولة لن تستطيع الوقوف أمام «جيش الإرهاب» هذا إذا نجا في جنوب لبنان عسكرياً وبقية مناطق الدولة، وحافظ على قدرات كبيرة للقصف بالصواريخ والقذائف، حتى لو تلقّى ضربة صعبة.
وفي قطاع غزة أيضاً، تبدو الحاجة إلى حكم عسكري أكثر منطقية في أواسط المعارضين داخل إسرائيل، ويمكن محاولة تحرير الرهائن عبر زيادة الضغط على «حماس» والسيطرة على المساعدات، ويوجب هذا فرض نظام عسكري، وإجلاء من لا يتبعون لـ «حماس» من مناطق محددة، الواحد تلو الآخر، بهدف تقليل الضرر على السكان غير المقاتلين.
وهنا يكمن الإمكان الأكبر لتحرير المخطوفين، بقوة الذراع أو بالاتفاق، واجتثاث «حماس» كلياً من السلطة في القطاع.
ماذا سيحدث في «اليوم التالي»؟ وما «الرؤية السياسية» في لبنان؟ طرح الجنرال د. عومر تسنعاني هذه الأسئلة بشأن الأفق الاستراتيجي في إطار ادعاءاته التي تدعم عمليتَي وقف إطلاق النار في القطاع والشمال، خلال نقاش جرى بيننا، الأسبوع الماضي،
هنا. وبعد أيام، باتت هذه النقاشات قديمة جداً... ومن الواضح أن وقف إطلاق النار هو عكس المطلوب من إسرائيل الآن، بصرف النظر عن ماهية الاستراتيجيا التي ستتبنّاها مستقبلاً في المعركة ضد إيران.
إلاّ إن مطلب الأفق الاستراتيجي هو أساساً ذريعة لردعنا في اللحظة الأخيرة عن إخضاع العدوَين اللذَين نموا بمساعدة إيران على حدودنا، وفي نهاية المطاف التعامل مع إيران التي تفعّل هذه الجيوش «الإرهابية» التي تساعدها في حربها ضدنا.
وهذه عملية إخصاء ذاتي تتنكر لـ»رؤية سياسية» تعتمد على زرع السلطة الفلسطينية الفاشلة والداعمة لـ»الإرهاب» في غزة، وهي التي قدّمت التعزية إلى «حزب الله» بموت نصر الله، وكان من الصعب عليها إخفاء فرحتها على «فظائع» 7 تشرين الأول.
إن الأفق الاستراتيجي اللائق لإسرائيل مشروط بإخضاع «حماس» و»حزب الله»، وستكون معركة مهمة، لكنها ليست الأخيرة في حرب إيران – إسرائيل، فهذه الحرب ستكون طويلة. لذلك، ومن هذا المنظور فإن أي تنظير معادٍ للنزعة الإسبرطية لن ينقذنا، ويمكن افتراض أنه ستكون هناك معارك متعددة، لكن يجب ألاّ تكون عمليتا «السيوف الحديدية» و»سهام الشمال» بالضرورة حربي استنزاف لا تتوقفان، كما يتخوف الكثيرون، إنما يمكن، ومن الضروري خلال وقت معقول أن نُخضع «حماس»، ونُبعد «حزب الله» شمالاً، ونفكك ترسانة صواريخه.
عن «إسرائيل اليوم»