دعونا نبدأ الحكاية من حزيران 1967، مع أن ما قبلها كان يشبهها، حيث عقدة التفوّق والقدرة العسكرية، استحكمت في نفوس الإسرائيليين وعقولهم لدرجة اليقين بأنهم من خلال "جيشهم الذي لا يقهر" يستطيعون فرض سيطرة لا تنازع، ليس فقط على الجوار العربي اللصيق الذي احتلت أهمّ أراضيه، بل على الشرق الأوسط كله.
في ذلك الحزيران، احتلت أوسع مساحة من أرض عربية هي سيناء، وأهم موقع استراتيجي هو مرتفعات الجولان، وأهم ما تبقى من فلسطين وشعبها غزة والضفة، بما فيها القدس التي تعني أكثر من مدينة عادية فهي قبلة العالم كله.
عقدة التفوق أصابت إسرائيل بحالة شاملة من العمى السياسي، وها هي تستفحل لتصيبها بحالة من الجنون، وهذه أمثلتنا على ذلك. ولنبدأ بآخر تصريح جنوني.
هذا غيضٌ من فيض كما يقال... للتدليل وبالوقائع على أن عقدة التفوق لم تأخذ الدولة وقادتها إلى عقلانية وثقة بالنفس، يبلور سلاماً مع من تتباهى بمحاربتهم، بل جرّتها إلى جنون تتفرد به عن كل كيانات العالم، إذ لم يعد للدولة العبرية من منطق سوى التعلق بالقوة العسكرية، التي هي في المنشأ وبالجملة والتفصيل غير إسرائيلية.