كانت مذبحةً لا مبرر لها، سوى تعطش العسكرية الإسرائيلية الجريحة والمهانة للدم والدمار.
لم تكن الأولى ولا الأكبر في تاريخ المذابح الإسرائيلية، الممتد على مدى أكثر من ثلاثة أرباع القرن.
الشعب الفلسطيني الذي فقد في سنة واحدة، ما يزيد عن الخمسين ألفاً من الشهداء، وأضعاف عددهم من الجرحى والمعتقلين، إضافة إلى مئات الآلاف الذين سقطوا منذ بدايات النكبة وعلى كل الساحات.
هذا الشعب الصابر المرابط، يعلن بالفعل وليس بالقول، استحالة نجاح المذابح في حمل الفلسطينيين على مغادرة وطنهم، مهما فعل الإسرائيليون، حكومةً وجيشاً ومستوطنين.
الفلسطينيون بشر.. آدميون.. حضاريون.. يحبون الحياة، يحزنون على فقد ذويهم ويألمون لرؤية مستوطن وهو يقتلع شجرة زيتون جذرها متشابك في عمق الأرض مع جذر الانسان وشجرته العائلية.
الفلسطينيون ومن قوة الإنسانية فيهم، يذرفون الدموع على شهدائهم الذين لم ينقطع حبل تواصلهم ولن ينقطع، يشيعون جنازة تلو الأخرى، ومع كل خطوة وكل صلاة، ومع كل نبضة قلب وقطرة دمع، يعاهدون ويتعاهدون على أن لا يمكّنوا محتلهم الغاشم من تحقيق ما يصبوا إليه، ويرددون أغنية الوطن الأولى للشاعر الفلسطيني صلاح الدين الحسيني (أبو الصادق):
"عهد الله ما بنرحل.. عهد الله نجوع نموت ولا نرحل... إحنا قطعة من هلأرض وعمر الأرض عهد الله ما بترحل"